الاخوان المسلمون ... الفكرة ..المؤسسة ... التنظيم


كانت ومازالت جماعة الاخوان المسلمين مثار كثير من التساؤلات والجدل بين ابنائها وخصومها والمهتمين بشأنها وشأن الامة الاسلامية والأمة الوطنية, فتارة يرون انها الامل والمخرج لهذه الامة ولهذا الوطن لما هو فيه ,لماتتمتع به من قدرات بشرية وتجميعية ومرونة تكتيكية , ولايوجد على الساحة غيرها من الاحزاب والتيارات والجمعيات من له القدرة على حشد الجماهير وتحريك الناس , وتارة اخرى يتهمونها بالجمود وعدم القدرة على استثمار الاحداث , وعدم القدرة على التطور ومواكبة العصر والاستفادة من تقنياتة ,وتارة يتهمونها بالتطرف والانغلاق الفكرى الذى يغذى الارهاب وتدعيم حركات العنف فى العراق وافغانستان وفلسطين , وتارة تتهم بالميكيافيلية والسعى وراء المصالح والمكاسب الشخصية والتى جوهرها وراس امرها عندهم هو الوصول للحكم , كل ذلك يتردد من اطياف شتى كل يرى حسب تكوينه الفكرى وارثه الثقافى ودافعه فيما يقول , وأرى ان معظم هؤلاء( مع احسان الظن بالجميع ) لايعرفون الاخوان حق المعرفة بل يخلطون كثيرا بين العام والخاص وبين الفكرة والمؤسسة والتنظيم .

وانطلاقا من الاحداث الاخيرة الخاصة بمكتب الارشاد وموضوع تصعيد الدكتور عصام العريان واللائحة ومااثير حول هذا الموضوع من لغط كثير فانه يتوجب علينا تحرير المصطلحات لتجنب الخلط والتعميم ومن ثم ارسال رسائل قد تكون صحيحة فى مضمونها لكنها تصل الى المتلقى بالخطأ او ربما تضل طريقها الى من يتوجب ان تذهب اليه .

بداية لابد من التفريق بين الاخوان كفكرة ... والاخوان كمؤسسة .....والاخوان كتنظيم .....فالاخوان كفكرة اكبر بكثير من الاخوان كمؤسسة ... والاخوان كمؤسسة اكبر بكثير من الاخوان كتنظيم .....

فالاخوان كفكرة اسلامية وسطية حركية معتدلة يؤمن بها الكثير من الناس فى شتى بقاع الارض ويعمل بنهجها مؤسسات كثيرة فى الكثير من بلدان العالم دون ان يجمعهم بالاخوان اطار تنظيمى او مؤسسى , واعتبرت جماعة الاخوان كل من يؤمن بالفكرة ويعمل بنهجها ,هو امتداد لها وان لم ينتمى تنظيميا لها فى يوم من الايام , وان لم تخاطبه الجماعة يوما , وان لم تكلفه بعمل ما , حتى وان كان هو لايعد نفسه من الاخوان , حتى وان كان له رأى خاص فى التنظيم او فى النهج , وهذا من عوامل المرونة والسعة فى الاخوان الذى تستطيع به التواصل والتوافق مع الاتجاهات المختلفة فيما بينها والمختلفة مع الاخوان وهذا مايميز الاخوان عن غيرهم , وبهذا تعتبر جماعة الاخوان ان رصيدها فى المجتمع وبين العلماء والدعاة ومن داخل الاحزاب والهيئات كبير جدا وهذه هى الميزة الكبرى للاخوان فى القدرة على التجميع.

اما الاخوان كمؤسسة فهو الاطار العملى والمسار الدعوى من خلال الهيئات المجتمعية التى تمارس الجماعة عملها وتؤدى من خلالها مهامها , وهذه المؤسسية عند الاخوان اوسع وارحب واكبر من التنظيم , وهذه المؤسسات قد يكون منها المؤسسات الاخوانية ومنها الغير اخوانية منها مايتبع التنظيم ومنها مالايتبع التنظيم ,بل قد تكون مؤسسات تتبع حركات اسلامية اخرى وهنا تظهر قدرة الجماعة على التعاطى مع النماذج المناظرة فاعتبرت كل مؤسسة او حركة فى بلد من البلدان تتبع نفس الفكر والنهج انها امتداد للجماعة ولاتقيم الجماعة لها هيئة ولاكيان فى هذا البلد والنماذج على ذلك كثيرة عالميا ودوليا مثل الجماعة الاسلامية بباكستان وحزب الرفاه وحزب العدالة والتنمية فى تركيا وحركة النهضة فى تونس .... وغيرها , كما ان مؤسسية الجماعة جعلت من العمل المؤسسى للجماعة فى الاقطار والبلدان المختلفة يخضع لاعراف البلد وقوانينه وظروفة دون تدخل او املاء لتوجهات او قرارات من قيادة الجماعة مادام الجميع يؤمن بالفكرة ويلتزم بالنهج العام للجماعة , وقد يتخذ الاخوان فى قطر من الاقطار توجها يناسب ظروفهم واحوالهم بالتقدم او التاخر او التوقف دون انتظار القرار من مكتب الارشاد ( مع الوضع فى الاعتبار الاطر التنظيمية والعلاقات التشاورية فى مختلف القضايا للجماعة عبر مختلف البلدان ) , والعمل المؤسسى الاخوانى يسع كل الاخوان سواء كانو اعضاء فى التنظيم ام خارج التنظيم ويسع كذلك غير الاخوان , ويتسع كذلك ربما لغير المسلمين , ولقد كانت مؤسسة الاخوان تضم مسيحيا يعمل مستشارا شخصيا للامام البنا , ومؤسسة الاخوان الان تضم د رفيق حبيب كمحلل ومستشار سياسى , وتلك هى مؤسسة الاخوان الكبرى والتى هى ارحب من عقول الكثيرين واوسع من صدورهم .

اما الاخوان كتنظيم : فهو الهيكل الادارى والتنظيمى للجماعة والذى يخضع للائحة الداخلية للجماعة , وهو هيكل متراكب متداخل ومتشعب , يصعب فكه وتركيبه , هذا الهيكل التنظيمى يدير التنظيم لكنه لايدير المؤسسة بل يعمل على استمرار العمل المؤسسى ويدفع به الى التوسع والانتشار , قد تستمر المؤسسة فى العمل بعيدا عن التنظيم ولكن قد لاتدوم وربما تنحرف عن الهدف , فالتنظيم هو ضابط الايقاع للمؤسسة والمحفز والدافع لها لكنه لايدير عملها بصفة مباشرة .

هذ التنظيم يعتمد فى تكوينه على سلامة الفكرة وسلامة النفس , والقدرة على العطاء والتضحية وتحمل التبعات وهذه الصفات لاتختبر الابالخبرة وعنصر الزمن ومن هنا كان لكل مسئولية ادارية فى الجماعة خبراتها المطلوبة ( الصفات اللازمة مع عدد سنوات الخبرة ) وكلما زادت درجة المسئولية زاد المطلوب , وهذا حق الجماعة الذى لايمارى فيه احد ولذا حين يتحدث الشباب صغار السن او من ليس لهم رصيد من الخبرة لدى الجماعة ( واعرف كثير من الشباب ممن يتحدثون وينتقدون ليس لهم رصيد خبرة لعمل دعوى واحد تولو القيام به ونجحوا فيه او كان لهم انتاج دعوى ذو قيمة مضافة للجماعة بل كثير منهم لم ينجح ليكون جنديا فى حلقته ولاصاحب راى قوى ومؤثر فى شعبته يصلح من عيوبها ويقيل عثرتها فوجد ضالته فى العمل على الكيبورد ومن خلال الانترنت ) او من يتحدثون من خارج الجماعة لايدركون هذه الحقيقة , او يدركونها ويريدون تجاوزها ظنا منهم ان هذ يثرى العمل ويدفع بدم جديد للجماعة , واقول ان جماعة بحجم وقوة جماعة الاخوان لايمكن لها البقاء بهيكل تنظيمى لاتختبر لبناته وتنتقى وهى تواجه تحديات عاتية داخليا وخارجيا واقليميا , اما من اراد ان يدفع بالدم الجديد والرؤى المختلفة الابداعية للجماعة فعليه ان يدفع بها فى المؤسسة وليس فى التنظيم حيث ان المؤسسة هى التى ستصقل هذه المواهب والزمن يختبرها ومن ثم تتلقفها الجماعة والتنظيم لخدمتها , وهذا لايعنى القول ان لبنات التنظيم كلها ليس بها عيوب او انها فوق النقد او انها قابعة فى اماكنها بالوراثة , فنحن بشر ولايؤمن على حى فتنة , ونحن جزء من المجتمع نتاثر بسالبياته ومميزاته ,ولكن ماذا تقول لمسئول انتقده الافراد واعترضو عليه وعلى ادارته ثم حين اجريت الانتخابات بالاقتراع السرى المباشر فإذا به يفوز بالاجماع ....!!!!!!! اليس هؤلاء هم الجماعة ؟ لماذا لم يختر المعترضون عليه غيره؟ او لماذا اختاروه ؟ او لماذا اعترضوا عليه؟واشتكى المسئولون يوما من احد الافراد من سوء ادارته فماكان من المشكى اليه الاان قال : مش انتو اللى اختارتوه ؟ وانتو اللى انتخبتوه ؟ثم بعدها بشهور فإذا بهم ,هم هم يختارونه مديرا ومسئولا عنهم , اننى اجزم ان هناك مشكلات وان السبب الغالب فيها ليس القيادة بل أؤكد انهم الافراد , فإرجوكم لاترسلو الرسالة الى المتلقى بالخطأ , وكونو جزءا من الحل لاأن تكونو جزءا من المشكلة.

اخيرا : كثر السؤال حول مدى تاثر الجماعة بالاحداث الاخيرة ؟

وهنا كانت الاجابات متنوعة ومتباينة , بين رأى قيادات التنظيم ان هذه الاحداث لاتؤثر فى الجماعة وستزيدها قوة كما مر بالجماعة من احداث اعتى من ذلك

وبين من يرى ان هذه الاحداث تبدو كالنار تحت الرماد وانها نذير سىء لما هو اكبر ( مافيش دخان من غير نار ) .

واقول ان نظرة كلا الطرفين تبدوا الى حد ما صحيحة فالفريق الاول وهم قادة التنظيم يرون ان هذه الاحداث لاتؤثر على الجماعة ( وهم يعنون بالجماعة هنا التنظيم ) والتنظيم هنا لن يتاثر كثيرا بماحدث وستقوم الجماعة بعمل وضوح رؤية وتحليل للاحداث والتركيز على عناصر الثقة والثبات فى وجه المحن لتفادى اثار هذه الاحداث , بينما يرى الفريق الاخر ان الجماعة ستتاثر ( وهم يعنون هنا المؤسسة والفكرة ) حيث ان هناك اجيال متعاقبة فى الجماعة تختلف فى طريقة التفكير والتعاطى مع الاحداث وان جيل الشباب الحالى واكثرهم من سن العشرينات ودونها وهم يمثلون مستقبل الجماعة وان هؤلاء منهم الغاضبون والغير مستوعبين وبعضهم له مشاكل مع قيادته الوسيطة ومسئوليه , ومع اختلاف معطيات العصر وادواته والانترنت وتقنياته اصبح تاثير هؤلاء على جماعة الاخوان فكرة ومؤسسة اصبح وبات قويا ينذر بالخطر مالم تتدارك قيادات الجماعة والتنظيم ذلك .

نقطة اخرى وهى درجة الخطر التى يتحدثون عنها هل هى المتعلق ببقاء الجماعة او انتهائها ام المتعلق بفوات الفرص وتاخر التمكين وعرقلة المسير بدرجة او باخرى , المناقشات والحوارات معظمها يدور بين فريقين كل منهما يتحدث عن معنى للخطورة والاخر يرد بالاجابة عن معنى اخر , وهذا مااتضح من البيانات الصحفية والحوارات التلفزيونية والتعليق عليها وهو ماأوجد هوة بين الفريقين , وانى لأرى ان الخطورة على المؤسسة من النوع الثانى وليست من النوع الاول , وهذا يدعونا الى اعادة النظر والتفكير جديا فى معالجة الامر

وقى الله هذه الدعوة والجماعة من كل سوء

د / انور حامد

كن ايجابيا تجاه الاقصى

الاقصى عقيدة المسلمين واية فى كتاب ربهم الكريم
الاقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين التى لاتشد الرحال الى اليها
و التى تقصد للصلاة فيها لفضلها وقدسيتها دون غيرها من المساجد ولاتشد الرحال الا اليها
الاقصى هو بيت الله الذى امر نبيه داوود ومن بعده سليمان ببناءه شأنه فى ذلك شأن بيت الله الحرام فلايملك رئيس ولا زعيم ولاقائد ولاحزب من الاحزاب ولا من اهل السياسة من يملك التفريط فيه ولا عذر لأحد ان دنست ساحته او انتهكت حرمته وقدسيته والكل مسئول امام رب العالمين كل على قدر مسئوليته
كما أن المسجد الاقصى هو ارض الله المباركة التى بارك حولها وهو موطن الرباط وموطن الطائفة المنصورة التى تحدث عنها الصدق المصدوق فى حديثه الشريف ( لاتزال طائفة من امتى على الحق ظاهرين ولعدوهم قاهرين لايضرهم خذلان من خذلهم الا ماأصابهم من لأواء حتى يأتى امر الله وهم كذلك ) صحيح البخارى ومسلم وزيد فى مسند الامام احمد ( قيل اين هم يارسول الله؟ قال : على اعتاب بيت المقدس واكنافه) .
فهؤلاء المرابطين على اعتابه وصفهم الحبيب اتهم على الحق وانهم ظاهرين على عدوهم وأنهم طائفة وفى رواية عصابة كناية عن قلة عددهم
وأنهم قاهرين لعدوهم , وأن هناك من اخوانهم من يخذلهم ( والخذلان لايكون الا ممن تجب عليه النصرة وقال ان مكانهم على اعتاب بيت المقدس واكنافه اى حوله .
فاربا بتفسك اخى المسلم ان تكون من الخاذلين لهم
بل كن معهم ومناصرا لهم ماستطعت الى ذلك سبيلا , واعلم ان المعركة ليست عسكرية فحسب ولو كانت كذلك عسكرية لكان الامر انتهى منذ احتل عام 67 ولانتهى امر المسجد الاقصى , لكن المعركة اعلامية بامتياز وهم يريدون ان يميتو القضية فى نفوس الامة ويحولوها الى قضية سياسية بحتة بعيدا عن الدين والعقيدة وهذه اكبر معركة واكثرها حساسية واخطرها على القضية ولذلك احياء القضية فى نفوس الناس على انها قضية دينية عقائدية وانها محسومة مسبقا ومعروفة لنا سلفا بما يجرى فيها يعتبر من اقوى وسائل النصرة واهمها , ان اهم مايقوم به اعلام المقاومة هو الابقاء على صحيح القضية فى نفوس الاجيال واحيائها فى قلوبهم فهبو ياكتائب الاعلام فى كل بقاع الارض وانشروا القضية وأحيوها فى نفوس الناس والاجيال وتفاعلوا مع كل مايقدم لاجل الاقصى برامج تليفزيونية واذاعية وعبر الانترنت الصحف ورسائل الموبايل والفاكس والبريد الشخصى وخطباء المساجد والدعاة الى الله فى كل منبر يتحدثون من خلاله وتيقنوا ان هذا باب عظيم من ابواب الجهاد نسأل الله ان يكتبنا واياكم من المجاهدين ويحشرنا فى زمرة المجاهدين وهذ اللون من الجهاد يستطيعه كل الناس صغيرهم قبل كبيرهم ونساؤهم ورجالهم وشيبهم وشبابهم ( واللذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ...)
كونوا ايجابيين وفاعلين وشاركوا بالاتصال المباشر فى البرامج بالكتابة والرسائل والخطابة وارسال الصور وكتابة التعليقات
المطلوب اخى المسلم .. كن ايجابيا تجاه الاقصى ...........

الابداع الدعوى الالكترونى

عجلة الحياة تدور وتطوراتها لاتنتهى والعالم كل يوم فى جديد وكما اوحى الله لخليله ابراهيم ( وعلى العاقل مالم يكن مغلوبا على عقله ان يكون بصيرا بزمانه ....) والتبصرة بالزمان تتطلب مواكبة تطوراته وتقنياته .
العالم من حولنا يتطور ويتغير ومن لايتقدم يتفادم
ومن تطورات العصر الانترنت او كما يطلقون عليه الشبكة العنكبوتية او الفراغ الالكترونى لانه يتمتع بمزايا عديدة ويمنح المستخدمين الحرية فى التعبير والنشر التى لاتتاح لهم ميدانيا
ولتوافر عوامل الامان والسرعة فى التواصل مع العالم كله فى لحظة واحدة دون اللجوء الى الوقوف فى طوابير لاجراء مكالمة هاتفية ودون التكلف المادى حيث يعتبر الانترنت من اسرع وارخص وسائل الاتصال واقدرها على التواصل مع كل من تريد ولا يكلفك ذلك شيئا سوى معرفة رقم الهاتف او عنوان البريد الالكترونى ثم ضغطة زر .
ولكثرة المستخدمين للانترنت يمكنك الدخول على اى موقع او منتدى او مجموعة بريديه لتتواصل مع الالاف بل الملايين فى لحظة واحدة
انك بامكانك ان تبعث بمليون رسالة فى دقائق معدودة مجانا وبدون تكلفة
كل ذلك يضاعف التبعة والمسئولية على الدعاة واصحاب الرسالة السامية فى تبليغها .
لقد كان الاوائل من المسلمين يبذلون ارواحهم التى يحملونها على اكفهم يقطعون الفيافى والقفار والاف الاميال ليواجهوا طغمة الحكم المستبدة التى تمنع وصول الرسالة الى عامة الناس , لكننا اليوم وبفضل تقنية الانترنت اصبح بمقدورنا الوصول الى كل الناس فى اى مكان من العالم وفى اى وقت من الزمان لتعرض عليهم بضاعتك ( وكفى الله المؤمنين القتال ..) فماذا تقول لربك غدا ايها المسلم حين تسأل لم لم تبلغ دعوة ربك ؟
ماالذى منعك ؟ لماذا لم تستخدم الانترنت ؟ والاسكاى بى ؟ والفيس بوك والتويتر؟ لماذا لم تراسل الناس بالبريد الالكترونى ؟ لماذا لم تفتح لك غرفة شات ؟ تحادث الناس عليها وتركتها لمن يسبون الاسلام ويشككون فيه ؟
ايها الدعاة :
لاتعتذرو ولاتتعللوا
لاتقل لااعلم بهذه التقنيات ولا علم لى بها , فهى وسائل مثلها مثل التليفون المحمول تحتاج الى قليل من الوقت لمعرفة طريقة تشغيلها فقط
لتعلموا ايها الدعاة انكم حين تجلسون على كرسى العلم فى المسجد ويجلس امامكم بضع عشرات من الناس من كبار السن فإنه فى ذات الوقت يجلس امام الانترنت 12 مليون فى مصر فقط اعمارهم بين 10 الى 35 سنة
اى الشباب والمستقبل بينما تعدى مستخدمى الانترنت المليار فى العالم .
اما زلتم مصرين معشر الدعاة على تجاهل هذه الارقام والاعداد لتبلغوها دعوة ربكم ؟
لقد اصبح الانترنت هو الاكثر تأثيرا والاسرع تواصلا فلا تضيعوا الوقت وفقنا الله واياكم الى مايحبه ويرضاه

الـسـمـنـة (زيادة الوزن) و علاجها

قد ينظر الكثير إليها على أنها أمر بسيط، وقد ينظر البعض على أنها مجرد منظر غير مقبول أو تشويه لجمال أجسادنا، وقد يفطن القليل إلى خطورتها ومع ذلك يقفوا مكتوفي الأيدي غير قادرين على إيقافها. لكل هؤلاء ولك عزيزي نقول - أحترس من مرض خطير اسمه السمنة، ومن الواجب أن نتذكر دائما أنها مرض، وليست بالمرض البسيط فحسب بل تعد مرضا من الأمراض الخطرة، إنها مرض من أمراض عصرنا الحديث.ما هي السمنة؟السمنة هي زيادة وزن الجسم عن حده الطبيعي نتيجة تراكم الدهون فيه، وهذا التراكم ناتج عن عدم التوازن بين الطاقة المتناولة من الطعام والطاقة المستهلكة في الجسم.
الغذاء وأنواعهلا يخرج تركيب أي مادة غذائية تتناولها عن العناصر الغذائية التالية:1- الكربوهيدرات2- الدهون3- البروتينات4- المعادن والفيتامينات5- الماءلكل عنصر من هذه العناصر دور هام في إمداد الجسم بالطاقة. وتختلف الأغذية في محتوياتها من هذه العناصر فبعض الأغذية تحتوي على جميع العناصر الغذائية ولكن بنسب متفاوتة في حين أن بعضها تحتوي على عنصر واحد أو عنصرين فقط، فمثلا الفواكه تحتوي على الكربوهيدرات أكثر من أي عنصر آخر والخبز والحليب يحتوي على الكربوهيدرات أكثر ثم البروتينات فالدهون، واللحوم تحتوي على البروتينات أكثر ثم الدهون فالكربوهيدرات، والسكر يحتوي فقط على الكربوهيدرات.فإذا ما تناول الإنسان الكربوهيدرات تتحطم في جسم الإنسان إلى سكريات أحادية بسيطة (الجليكوز) وذلك ليستخدم مباشرة كوقود ليمد جسم الإنسان بالطاقة، كما يخزن جزء منه في الكبد على صورة جلايكوجين وما زاد عن الحاجة بعد ذلك يتحول إلى دهون تخزن في الأنسجة الدهنية للجسم. أما البروتينات فإنها تتحلل إلى مركبات بسيطة تمتص إلى الأنسجة والعضلات أو أنها تتحول إلى جليكوز لاستخدامه كطاقة فورية، أو أنها تتحول إلى دهون تخزن في الأنسجة الدهنية لجسم الإنسان. أما إذا تناولت الدهون فإنها إما تتحول إلي جليكوز تستخدم مباشرة لإنتاج الطاقة الفورية أو أنها تخزن في الأنسجة الدهنية لجسمك.

الطاقة الفوريةما هي الطاقة الفورية وكيف يمكننا حسابها وكمية احتياجنا لها؟إن الطاقة التي يحتاجها جسم الإنسان تنقسم إلى قسمين:
طاقة أساسية وهي التي يحتاجها جسم الإنسان لنشاطاته الغير إرادية مثل دقات القلب والتنفس وحركة الأمعاء وغيرها. وعادة ما تعادل 50-70% من إجمالي الطاقة اليومية التي يحتاجها الشخص النشيط جدا، و 40-50% إذا كان الشخص متوسط النشاط، و30-40% إذا كان الشخص غير نشيط.
طاقة النشاط والحركة وهي التي تنتج عن استخدام الإنسان لها خلال يومه كالمشي والسباحة والحركة بصفة عامة.
وتحسب الطاقة بما يسمي بالسعرات الحرارية (الكيلو وات) Calorie فكل حركات جسم الإنسان الإرادية أو الغير إرادية تقاس بهذا المقياس، وهي الحرارة المطلوبة لرفع درجة حرارة واحد كيلو جرام من الماء درجة مئوية واحدة، علما بأن كل جرام واحد من الكربوهيدرات أو البروتينات يعطي حوالي أربع سعرات حرارية وكل جرام من الدهن يعطي حوالي تسع سعرات حرارية.ويمكننا حساب احتياج الإنسان من الطاقة باستخدام المعادلة التالية:
إذا كان الشخص نشيطا
= الوزن × 40
إذا كان الشخص متوسط النشاط
= الوزن × 37
إذا كان الشخص قليل النشاط
= الوزن × 34
وعادة ما يحتاج الإنسان العادي المتوسط الوزن حوالي 2960 سعرا حراريا

كيف يمكن قياس السمنة؟
1. دليل كتلة الجسم
إن من أفضل الطرق التي يمكن أن تحدد إذا ما كان وزنك طبيعي أم لا هي ما تسمى بطريقة دليل كتلة الجسم Body Mass Index أو BMI وذلك حسب المعادلة التالية:BMI = الوزن (بالكيلو جرام) ÷ الطول (بالمتر المربع)
فإذا كانت النتيجة أقل من
20
فإن الوزن يكون دون الطبيعي
وإذا كانت النتيجة بين
20-25
فإن الوزن يكون طبيعي
وإذا كانت النتيجة بين
25-30
فإن الوزن يكون زائد عن الطبيعي
وإذا كانت النتيجة بين
30-35
فإن الشخص يعتبر بدينا
وإذا كانت النتيجة بين
35-40
فإن الشخص يعتبر بدينا جدا
وإذا كانت النتيجة أكثر من
40
فإن الشخص يعتبر مفرط في البدانة
مثال لحساب دليل كتلة الجسم حسب المعادله (الوزن بالكيلو جرام تقسيم الطول بالمتر المربع) فإذا فرضنا ان الوزن 98 كيلو والطول 172 سم تكون النتجيه:
تحويل الطول من سم إلى متر = 172 سم ÷ 100 = 1.72 م
تحويل الطول من متر إلى متر مربع = 1.72 × 1.72 = 2.96 م2 (متر مربع)
إذا دليل كتلة الجسم = 98 كجم ÷ 2.96 = 33
وهذا يدل على أن الشخص بدينا
غير أن هناك بعض الاستثناءات لاستعمال دليل كتلة الجسم منها على سبيل المثال لا الحصر:
الأطفال في طور النمو
النساء الحوامل
الأشخاص ذوي العضلات القوية كالرياضيين
2. شريط القياس :يعتبر شريط القياس من التقنيات المستخدمة في قياس الوزن، وذلك بقياس محيط الخصر. وتعتبر الدهون المتراكمة حول الخصر أشد خطرا من الدهون الموجودة في محيط الأرداف أو في أي جزء آخر في الجسم. فتراجع قياس الخصر يعني تراجع أو انخفاض كمية الدهون في الجسم. والجدول أدناه دليل مهم في هذا الصدد:
الجنس
خطر شديد
خطر شديد فعلي
الذكور
أكثر من 94 سم
أكثر من 102 سم
الإناث
أكثر من 80 سم
أكثر من 88 سم
ما هي مسببات السمنة؟

النمط الغذائي: حيث أنه من المؤكد أن التهام الغذاء بسعرات حرارية عالية مع عدم صرف هذه السعرات يؤدي إلى تراكم الدهون في جسم الإنسان علما بان الدهون لها كفاءة أعلى من الكربوهيدرات والبروتينات في التكتل في أنسجة الجسم الدهنية. وأفضل مثل على ذلك أن انتشار ما يسمى بالوجبات السريعة الغنية بالسعرات الحرارية في الدول الغربية ودول أخرى أدت إلى انتشار السمنة والأمراض المصاحبة لها في أجزاء كثيرة من العالم لم تكن تظهر فيها من قبل. ولو أردنا أن نكون صادقين مع أنفسنا فإنها السبب الأول والأهم، وهي السبب الأوحد في 90% من حالات السمنة
قلة النشاط والحركة: من المعروف أن السمنة نادرة الحدوث في الأشخاص الدائبي الحركة أو اللذين تتطلب أعمالهم النشاط المستمر ولكن يجب أيضا أن نعرف أن قلة حجم النشاط بمفرده ليس بالسبب الكافي لحدوث السمنة. لا شك أن النشاط والحركة لها فائدة كبيرة في تحسين صحة الإنسان بصفة عامة ويمكن أن نوجز النشاط والحركة بكلمة واحدة هي الرياضة. فقد أشارت الدراسات أن للرياضة دورا في تخفيض نسبة الدهون وجليكوز الدم كما أن لها دورا في نشاط الأنسولين واستقبال أنسجة الجسم له، ولكن هل هذه النسبة كبيرة لدرجة الاعتماد عليها في إنقاص الوزن؟ الإجابة على هذا السؤال هو لا، حيث أن الدراسات التي أجريت في هذا المجال جاءت متضاربة لدرجة أنه لا يمكن أن نوصى للبدين بالرياضة كأساس لتخفيض وزنه، ولكن يمكنها أن تكون عاملا مساعدا وخاصة لتخفيف الترهلات من جسم البدين الذي أنقص وزنه. ومثالنا على ذلك لو أنك مارست السباحة أو الجري لمدة ساعة كاملة دون توقف فإنك ستصرف حوالي 170 سعراً حرارياً فإذا توقفت بعدها وشربت كوباً من البيبسى وقطعة صغيره من الشوكولاته فإنها ستعطيك 500 سعراً حرارياً.
العوامل النفسية: هذه الحالة منتشرة في السيدات أكثر منها في الرجال. فحين يتعرضن لمشاكل نفسية قاسية ينعكس ذلك في صورة التهام الكثير من الطعام.
اختلال في الغدد الصماء: وهو السبب الملائم دائما في حالات السمنة، من المعتاد والشائع أن نسمع القول (لقد قال الطبيب لي إنها اختلال بغددي الصماء). ومرة أخرى وحتى نكون صادقين مع أنفسنا فإنها حالة نادرة جدا وليست بالسبب في معظم الأحوال.
الوراثة: أيضا يجب أن نعلم أن هذا العامل بمفرده ليس مسؤولا عن السمنة وقد لا يكون مسؤولا البتة.
مما سبق يتضح لنا أن أهم سبب لحدوث السمنة هو تناول كميات من الطعام أكبر مما نحتاج.

السمنة وأمراضهامن المناسب الان أن نتعرف على مضاعفات هذا المرض:
السمنة وأمراض القلب والموت المفاجئ هل تعلم أنه من النادر ما تجد معمراً بديناً!، قد تكون هذه النظرية فيها شئ من المغالطة ولكنها مؤشراً عاماً للبدينين بدانة مفرطة بأهمية تخفيض وزنهم. فالوزن الزائد هو حمل زائد على القلب والرئتين فيحتاج كل منهما إلى مجهود مضاعف.ورغم عدم معرفة العلاقة بين السمنة وأمراض القلب وتصلب الشرايين إلا أنها علاقة موجودة وإن كانت هذه العلاقة تتعلق أيضاً بطبيعة ونوع الغذاء الذي يتناوله البدين حيث أنه يميل إلى تناول الأغذية الغنية بالدهون أو المقلية أكثر من ميله لتناول البروتينات أو الكربوهيدرات وتناول مثل هذه الأصناف يرفع نسبة الكولسترول في الدم وهذا هو عامل الخطورة الأول لأمراض القلب.أما علاقة السمنة بأمراض القلب والموت المفاجئ فهي علاقة تعتمد على مدة البدانة أو عمرها عند الشخص. وجدت بعض الدراسات أن استمرار السمنة لمدة تزيد عن 10 سنوات تزيد نسبة التعرض لأمراض القلب والموت المفاجئ، بالذات عند الإصابة بالسمنة في مرحلة الطفولة أو في مرحلة الشباب الأولى.
السمنة ومرض السكريمما لا شك فيه أن هناك علاقة قوية بين السمنة ومرض السكري (الغير معتمد على الأنسولين) غير أننا يجب أن لا نغفل عن أنه توجد أسباب أخرى مثل الوراثة والجنس والأماكن الجغرافية وغيرها، ولكن ما علاقة السمنة بمرض السكري؟إن كل خلية عليها مواد تستقبل هرمون الأنسولين الذي يحرق الجليكوز لينتج الطاقة هذه المواد تسمي مستقبلات الأنسولين وإذا لم توجد هذه المستقبلات أو قل عددها فإن الأنسولين لن يعمل على هذه الخلية وبالتالي لن يستفاد من الجليكوز فترتفع نسبته في الدم. وهذه المستقبلات نسبتها ثابتة على الخلية الدهنية العادية فإن زاد حجم الخلية كما هي الحال في البدين فإن عدد المستقبلات تكون قليلة بالنسبة لمساحة الخلية الكبيرة الحجم. ونصيحتنا لكل بدين تخفيض وزنه حيث أنه العلاج الأمثل لمرضى السكر إذ أن تخفيض الوزن يؤدي إلى تحسين حالة إفراز الأنسولين واستقباله عند هؤلاء المرضى.
السمنة وارتفاع ضغط الدميكفينا القول أن نسبة ارتفاع ضغط الدم بين البدينين تصل إلى ثلاث أضعاف نسبته بين العاديين وأن تخفيض الوزن مع التقليل من تناول ملح الطعام عند مرتفعي ضغط الدم حسن حالة ضغطهم في حدود تصل إلى 50%.
السمنة والمفاصل والأربطةالسمنة حمل زائد أيضا على مفاصل الجسم وأربطته ويظهر ذلك في صورة آلام متعددة بالمفاصل.
السمنة والجلدالسمنة تزيد كمية الانثناءات في الجلد ويكون ولذلك يكون الجلد عرضة للالتهابات والإصابات الفطرية والبكتيرية إلى جانب عدم تحمل الطقس الحار.
لنتحدث الأن عن وسائل العلاج، وسنسرد ما هو شائع.
الرجيم (الحمية أو الدايت)إن التحكم بالنظام الغذائي للبدينين هو أهم وأنجح طريقة يمكن بها تخفيض وزنهم وذلك بتقليل عدد السعرات الحرارية المتناولة لحدود أقل من حاجة الجسم من الطاقة.كما سبق وذكرنا فإن السعرات الحرارية اللازمة تختلف من شخص للآخر وتطبيق ريجيما معينا يعتمد على احتياج الجسم للسعرات وعلى قاعدة طبية تنصح بأن يتم إنقاص الوزن بمقدار 1 كجم أسبوعيا فقط. لذلك يجب استشارة الطبيب المختص لتحديد الريجيم المناسب بالإضافة للتثقيف والتوجيه السلوكي الضروري.الجداول التالية توضح كمية السعرات الحرارية المتوفرة في بعض أنواع الأغذية:
مجموعة الفواكه
الصنف
السعرات لكل 100 جرام
جريب فروت
29
برتقال
46
مشمش
48
أناناس
49
شمام
53
تفاح
58
مانجو
65
عنب
70
موز
92
تمر
270
مجموعة الحليب ومشتقاتها
الصنف
السعرات لكل 100 جرام
حليب منزوع الدسم
35
حليب قليل الدسم
50
لبن رائب
51
لبن زبادي
61
الحليب
62
قشدة عادية
215
جبن أبيض
268
جبنة موزاريلا
285
جبن شرائح
370
جبن كرافت
375
مجموعة الخضار
الصنف
السعرات لكل 100 جرام
جزر
20
طماطم
20
الكرنب
23
سبانخ
23
ليمون
29
بطاطس
100
مجموعة الخبز والحبوب
الصنف
السعرات لكل 100 جرام
رز مسلوق
128
مكرونة
140
توست أبيض
260
توست أسمر
260
خبز أبيض
260
خبز بر
260
كورنفلكس
390
دونت
400
مجموعة اللحوم
الصنف
السعرات لكل 100 جرام
ربيان مسلوق
99
تونة بالماء
130
كبدة دجاج
150
سمك مشوي
151
دجاج مسحّب مطبوخ
165
صدر دجاج مشوي
165
دجاج مشوي
190
تونة بالزيت
191
لحم غنم بدون شحم
191
كبدة مقلية
217
صدر دجاج مقلي
260
لحم بقري أحمر
263
فخذ دجاج مقلي
268
لحم غنم قليل الشحم
276
مرتديلا
313
جناح دجاج مقلي
324
نقانق
362
حلم بقري بالشحم
363
لحم مفروم بالشحم
364
مجموعات أخرى
الصنف
السعرات لكل 100 جرام
الشاي بدون سكر
0
القهوة بدون سكر
0
دايت كولا
1
الكولا أو البيبسي
40
عصير الليمون
40
بياض البيض
51
الفول
60
بيض مسلوق
150
بيض مقلي
200
صفار البيض
368
معمول
430
بقلاوة
550
كنافة
580
لوز سوداني
590
فستق
620
بندق
630
صنوبر
665
تقليل الاستفادة من الغذاءهناك ثلاث طرق لهم دوراً حقيقياً في منع الاستفادة من الغذاء وهم:
منع الاستفادة من الكربوهيدرات (النشويات) عن طريق منع نشاط الأنزيمات الهاضمة للنشويات والتي تفرز من الغدد اللعابية والبنكرياس وذلك عن طريق إعطاء الشخص مواد (اكتشفت في البقوليات) تمنع هذا النشاط وهذه المواد توجد على صورة حبوب ومن أشهرها المسماة Carbo-lite وهذه المواد ليس لها أضرار صحية ذات أهمية إلى أنها تكون غازات مزعجة وذلك نتيجة أن النشويات الغير ممتصة تتخمر بفعل البكتريا في القولون.
استخدام الألياف الغذائية التي توجد في النخالة والخضراوات والفواكه (لذلك ينصح أكلها دون تقشير) كما أنها توجد على شكل أقراص في الصيدليات، وهذه الألياف تمنع امتصاص الطعام من الأمعاء بالإضافة إلي أن تناولها قبل ومع الطعام تشعر الإنسان بالشبع مما يقلل تناوله للطعام.
حديثا تم استخدام بعض الأدوية التي تمنع امتصاص الدهون من الأمعاء وبالتالي تقليل الاستفادة منها مثل مركب يدعى أورليستات orlistat.
استخدام الأدوية وتنقسم الأدوية المستخدمة في علاج السمنة إلى مجموعتين:
الأدوية المثبطة للشهية مثل
الأمفيتامين وشبيهاته Amphetamine وهي من الأدوية الفاقدة للشهية عن طريق تأثيرها على نشاط الجهاز العصبي ، وقد استخدمت هذه الأدوية أصلاً في مقاومة النوم، ومن أهم تأثيراتها الجانبية أنها تسبب الإدمان وتركها قد يؤدي إلى الاكتئاب كما أنه يمنع استخدامها للأشخاص المصابين بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والجلاكوما، كما أن أكثر مشتقات الأمفيتامين استخداما كفاقد للشهية المسمى فينايل بروبانول أمين phenyl propanolamine حيث أنه الأحسن فاعلية والأكثر أمناً واستخدامه لا يقود لمشكلة الإدمان عليه.
الأدوية السيروتونينرجك Serotoninergic Drugs من التجارب على هذه الأدوية وجد أن تأثيرها يكون واضحاً في بداية الاستخدام ولكن بعد طول استخدام يكون تأثيرها خفيفاً، كما تعتبر هذه الأدوية آمنة وأخف خطورة من الأمفيتامين رغم أنها لا تختلف عنها في تأثيرها على الجهاز العصبي وفقدان الشهية.
أدوية التوليد الحرارييوجد مواد طبيعية مختلفة تملك خاصية التوليد الحراري في الجسم مثل الكفايين وبعض الهرمونات والمعادن، وجميعها تعمل على حرق جزء من الغذاء وتحويله إلى حرارة دون استفادة الجسم منه ومن هذه المركبات المجموعة المسماة بشبيهات ب3 أو B3-Agonists والتي تعمل على زيادة التوليد الحراري دون التأثير على الشهية، ومركبات شبيهات ب2-أدرينيرجك أو B2-Adrenergic agonists والتي تؤثر على الشهية بالإضافة إلى عمله كمولد حراري.
التدخل الجراحي (عمليات شفط الدهون) lipo-suctionوالأصل في العلاج الجراحي للسمنة عن طريق شفط الدهون له مغزى تجميلي إلاّ أنه لا ينصح باستخدامه إلاّ في حالات البدانة المفرطة جداً.

دكتور حسين الدرج شهادة حق

بقلم د/ أنور حامد
منذ بضعة أيام 25/5 مرت خمس سنوات على رحيل الدكتور حسين الدرج عن دنيانا الى دنيا الحق ( فى مقعد صدق عند مليك مقتدر ) إن شاء الله ,ولأننا شهداء الله فى الأرض فقد جعلت الوفاء له هذا العام ولعطائه لدينه ودعوته لمحبيه وجيرانه واهل وطنه , هو شهادة حق نشهدها له فى حياتنا , نسأل الله أن تكون له نبراسا فى الآخرة .
هذه الشهادات سطرها أحبابه ومريدوه بعد وفاته تعبيرا عما يجيش فى صدورهم فى لحظات الصدق وهم على قبره يشيعوه , ثم بعد رحيله باعوام لا يُذكر الا بالخير دائما حقاً لقد كان للخير أهلا , وأول هذه الشهادات كانت للمهندس خيرت الشاطر (فك الله اسره) وهو يشيعه على قبره:

حيث أكد النائب الثاني للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين- المهندس خيرت الشاطر- على أن مصر فقدت واحدًا من خير أبنائها، وأن جماعة الإخوان المسلمين فقدت رمزًا من أخلص رموزها، وأن أهالي شمال القاهرة وشبرا الخيمة وعزبة عثمان فقدوا واحدًا من أكرم وأخير وأكثر الدعاة عطاءً وهو الطبيب والمربي والداعية حسين الدرج، الذي التحق بقطار الدعوة منذ تفتح وعيه على الدنيا وهو طالب بكلية الطب، ومن يومها وهو أحد الشامات التي يُشار إليها في صرح هذه الدعوة، ويعرفه الصغار والكبار في شمال القاهرة.. دمث الخلق، محبًا لدعوته، ساعيًا لكل خير، باذلاً من كل ما يملك وبكل ما يستطيع.

وأضاف الشاطر نشهد لله شهادة حق على أن أخانا الراحل- على ما منَّ الله به عليه من اختبارات المرض- إلا أنه تجاوزها كلها صابرًا محتسبًا متجاوزًا لآلامه وأتراحه دون أن تلين له قناة أو تفتر له همة، وتشهد له قلوب الآلاف التي ودعته اليوم، كما يشهد له جهاده الذي اختلط بحب أبناء شبرا الخيمة له عندما خاض انتخابات مجلس الشعب عام 2000 وكان خطه الطبيعي أن يكون داخل البرلمان لكن السلطة ارتأت غير ذلك، فدبرت له، وحشدت له كل طاقاتها لتغير إرادة كل من رأى الدرج خير من يصدع بحقوقهم فزوروا النتائج.. وكان لهم ما أرادوا.

ثم أكملوا مؤامرتهم بأن وضعوه مع إخوانٍ له كمتهمين في قضية عسكرية أسموها تنظيم الأساتذة، وكان نصيبه منها ثلاث سنوات، خرج بعدها بعفوٍ صحيّ منذ حوالي شهرين قضى معظمهما في المستشفى حتى لحق بربه.. فاللهم أكرم وفادته وأنزله منزلة من تحبه وترضى عنه، وأسبل عليه ستائر رحمتك التي تلفه ببرد عفوك.
ثم أترككم مع أحبابه ومريديه :
: عوض : بلبيس
التعليق :
أولئك آبائي فجئنى بمثلهم إذا جمعتنا ياأخي المجامع

2- الاسم : أحمد طلبة عبد العاطى البلد : مصر السويس
التعليق :
رحم الله الدكتور حسين الدرج انا لم اره ولكن جمعتنا به رابطة القلوب

3- الاسم : ala_seif البلد : شبرا مصر
التعليق :
رحم اللة أستاذنا الدكتور حسين الدرج لقد تعلمت منة أن الدعوة إلى اللة ليست مقيدة بمكان و لا زمان ولكن الداعى إلى اللة حتى ولو كان مشغول طول اليوم فى عملة فهو داعى الى اللة أسأل اللة لك يا د حسن رحمة واسعة وقبرا روضة من رياض الجنة ونورا وضياءا ala_seif أبنائك وإخوانك فى روض الفرج

4- الاسم : هانى حمدان البلد : مصر المقهوره
التاريخ : 07/07/2008
التعليق :
هكذا يكونو الرجال يصدقوا الله فيصدقهم رحمك الله يا استاذنا علمتنا الكثير والكثير وجزاك الله عنا خيرا واسكنك فسيح الجنان واسعدك بجوار رسول الله وبارك لك فى اولادك واهلك

5- الاسم : حلمي قاعود البلد : مصر
التعليق :
غريبة هذه الحياة تأخذ من بيننا أعز ما لدينا مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم "واحبب من شئت فإنك مفارقه" وعز علينا أن نفارق هذا الرجل الذي لم نذكره إلا وبكيناه حبًا، برغم قلة لقائاتي به إلا أنني حينما رفعت وجهي في جنازته حتى أرى نعشه إذ بدموعي تنسال دونما أدري وكأنه من أعز أعز أحبائي،،،،هكذا القلوب الطيبات نسأل الله أن يكون في دار خيرًا من داره.

6- الاسم : محمد أبو المجد البلد : شبرا الخيمة - القاهرة
التعليق :
والله لقد عبرت عن قليل مما يجيش في صدورنا لهذا الرجل والأب والأخ العظيم د. حسين الدرج رحمه الله، قد كان مثالا يحتذى ولم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا كان فيها نموذجًا للمسلم الداعية الحق، كان يقضى حوائج كل الناس، كان نجمًا يلمع في سماء الدعوة في شبرا الخيمة، وها هو الآن عند الحق في دار الحق، لكن نجمه يزداد لمعانًا في أعيننا يومًا بعد يوم، اللهم ارحمه واعل درجاته في الجنة واجمعنا وإياه مع نبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم.. آمين

7- الاسم : محمد عبد الحميد على البلد : شبرا الخيمة - القاهرة
التعليق :
اللهم ارحم أخانا وأستاذنا وحبيب قلوبنا الدكتور حسين ، اللهم اجعل كل ما قدم لدينه فى ميزان حسناته ، اللهم اجمعنا به مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، اللهم بارك فى ولده ، اللهم بارك فى أهله ، اللهم بارك فى إخوانه ، اللهم ارفع درجته عندك ، " وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ". آمين آمين آمين ...

8- الاسم : mostafa masoud البلد : qatar
التعليق :
رحمك الله يادكتور عايشت معك أفضل سنوات عمري بمكة المكرمة في التسعينات فكنت أخا وصديقا ومعلما لا تفارفقك الإبتسامة والأمل , رزقت بإبني الثالث فقال لي ولا أريد سوى عمر فسميته عمر , رحمك الله وجعل الجنة مثواك مع النبين و الصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا
هذه شهادتنا له فى الدنيا أسأل الله أن يجمعنا به فى الاخرة
د/ أنور حامد

أوباما المنتظر

فهمى هويدى
أرأيت كيف أسرفنا على أنفسنا، حتى أوهمناها بأن زيارة أوباما جائزة كبرى لمصر، وأن خطابه معقد أمل الفلسطينيين والعرب والمسلمين أجمعين؟

(1)
حين قرأت وصفا لزيارة الرئيس الامريكي الى القاهرة بأنها «تاريخية» في أكثر من مقال لبعض القيادات الاعلامية المصرية، لم أجد لذلك تفسيرا سوى أننا اعتدنا أن نصف كل ما يصدر عن الرئاسة من أقوال وأفعال بأنه تاريخي. لكني لم أتوقع أن تكون عباءة التاريخ عندنا فضفاضة الى الدرجة التي تستوعب ما يصدر عن أي رئيس آخر يمر بمجالنا الجوي.

ولم تكن تلك هي المبالغة الوحيدة، لأن سيل الكتابات التي تناولت الرحلة «المقدسة» أسرف في التباهي باستقباله، وفي الحفاوة به والآمال المعقودة عليه، على نحو أعطى انطباعا بأن الرجل جاء «مخلِّصا» يحمل مفاتيح الفرج، وأنه ليس مجرد زائر كبير المقام.

لكن ما كان مثيرا للرثاء والسخرية هو الكتابات التي علقت على اعلانه الأول بأنه سيخاطب العالم العربي والاسلامي من القاهرة، وتلك التي ظهرت بعد التصريحات التي تحدثت عن أنه سوف يزور المملكة السعودية أولا، قبل قدومه الى مصر. اذ في أعقاب الاعلان الأول انطلقت بعض الأبواق معددة مناقب النظام القائم في مصر التي جذبت الرئيس الامريكي اليها، وجعلته يختارها دون غيرها منبرا لمخاطبة العالم العربي والاسلامي.ولم يفت تلك الأبواق أن تعتبر الزيارة الميمونة ردا مفحما على القائلين بتراجع الدور المصري، وشهادة تثبت أن «أم الدنيا» مازالت على فتوتها وعافيتها، وعند حسن ظن الآخرين بها. وهي اللهجة التي خفت نبرتها حينما أعلن أن الرئيس الامريكي سيزور الرياض أولا،
وظهرت الكتابات السعودية التي امتدحت قدومه الى «المنبع الأول للحضارة الاسلامية»، وتحدثت عن «الانطلاقة العظيمة للعلاقة بين اوباما والملك عبد الله ( الحياه 5/31)».
وقرأنا على الصفحة الأولى لجريدة الشرق الأوسط (عدد 5/28) أن الرجل قرر زيارة الرياض «تعبيرا عن عمق العلاقات الاستراتيجية مع المملكة، وتقديرا لدور الملك عبدالله في اطلاق مبادرة السلام». و..«بسبب وزن السعودية ودورها في كل الملفات التي تهم أمريكا والمنطقة (ذلك أن) القضايا المعقدة والشائكة تستلزم تبادل وجهات النظر مع السعودية. وفيما خص تحركات أمريكا نحو السلام أو نحو ايران كان لابد أن يكون هناك تنسيق امريكي سعودي مصري.

لست في صدد استعراض النصوص التي نشرت في مصر والسعودية بهذه المناسبة، لكنني أشير بسرعة الى أن مضمونها جدير بالتحليل، لأنها في مجموعها شهادة علينا وليست لنا. اذ هي تكشف عن رغبة ملحة في تضخيم الذات، وشعور بعدم الثقة في النفس، والتعلق بأمل «المخلِّص» الذي يأتينا من وراء الحجب لكي ينصف المظلومين ويرفع البلاء عن المغبونين والمكروبين.

(2)
الكلام كثير عن أهداف زيارة الرياض والقاهرة، التي خصص لها 17 ساعة، 9 منها في العاصمة السعودية وثمانى ساعات في مصر. وقصر الوقت المخصص للبلدين دال على أن الرجل قادم لا لكي يجري محادثات، ولكن لأن عنده ما يقوله وما يريد أن يعلنه على العالم العربي والاسلامي. وحسب معلوماتي فان زيارته لها ثلاثة محاور أساسية هي:
تعزيز فكرة المصالحة مع العالم الاسلامي التي عبر عنها في أكثر من مناسبة لانقاذ سمعة الولايات المتحدة وتحسين صورتها
ــ طرح أفكاره الخاصة بدفع مسيرة السلام بين العرب واسرائيل
ــ مناقشة المدى الذي يمكن أن يقدمه العرب اسهاما في استقرار العراق، وحل مشكلة الموقف المتدهور في أفغانستان وباكستان، وفي التعامل مع البرنامج النووي الايراني.

الرائج حتى الآن أن الأفكار التي جاء بها تشمل ما يلي:
ــ الدعوة الى تفعيل المبادرة العربية و«تطويرها». والمقصود توسيع نطاقها بحيث تصبح عربية واسلامية، وفي الوقت ذاته اعادة صياغة موقفها في حق العودة، بحيث يصبح المراد به العودة الى الدولة الفلسطينية التي يفترض قيامها، وليس الى المدن والقرى التي أخرج منها الفلسطينيون في عام 1948 مع تقديم التعويضات المناسبة للذين يؤثرون الاستيطان في الأقطار العربية التي لجأوا اليها.
ــ اعلان التمسك بحل الدولتين الفلسطينية الى جانب الاسرائيلية، والتسريبات تتحدد عن سقف زمني لاقامة الدولة الفلسطينية المرجوة يتحدد بنهاية الولاية الأولى للرئيس أوباما (في سنة 2013).
- الدعوة الى وقف الاستيطان بجميع أشكاله في الضفة الغربية.
ــ مطالبة الفلسطينيين بالتهدئة وانهاء المصالحة، فيما بينهم، لاستئناف مفاوضات التسوية السلمية مع اسرائيل.
ــ الاستعانة بالجهد السعودي في وقف التدهور في أفغانستان وباكستان، باعتبار أن المملكة تحتفظ بجسور تسمح لها ببذل جهد في هذه الساحة، خصوصا في الجانب الباكستاني.
ــ شرح موقف واشنطن في اتصالاتها الجارية مع ايران.

(3)
المعلومات المتوافرة تشير الى أن الأفكار الأمريكية مقبولة من جانب السلطة الفلسطينية ودول «الاعتدال» العربي، لكنها غير مقبولة من جانب الحكومة الاسرائيلية الحالية. ان شئت فقل ان المجني عليه يبدو راضخا ومتساهلا بينما الجاني هو المتعنت والمتعالي. اذ لم يعد سرا أن السلطة الفلسطينية قبلت منذ وقت مبكر (مفاوضات ياسر عبد ربه وبيلين) باسقاط حق العودة مقابل التعويض والتوطين (للعلم حين حاولت السلطة تسويق المبادرة العربية ونشرت اعلانات عنها في الصحف الاسرائيلية. فانها حذفت منها النص على حق عودة اللاجئين)، كما أنها قبلت بمبدأ تبادل الأراضي، بمعنى أنها لم تعد متمسكة باستعادة ذات الأراضي التي تم احتلالها في سنة 67، ولكنها أعلنت عن أنها لا تمانع في أن تقيم الدولة على مساحة تعادل الأراضي التي تم احتلالها بصرف النظر عن موقعها. أما فيما يخص القدس، فان وزير الأوقاف في حكومة السلطة أعلن قبول فكرة وضع المسجد الأقصى تحت اشراف منظمة المؤتمر الاسلامي (تدويله) بما يعنى أن تظل السلطة الفعلية لاسرائيل.

العقبة تبدو في الموقف الاسرائيلي. أولا لأن نتنياهو له منظور مغاير يعتبر أن الأولوية يجب أن تمنح للملف الايراني وليس الفلسطيني، ومشكلة الشرق الأوسط في رأيه لم تعد ممثلة في الصراع العربي الاسرائيلي، وانما صارت صراعا بين المعتدلين (اسرائيل وبعض الدول العربية) والمتطرفين الذين يصطفون مع ايران ويؤيدون المقاومة.
وفي الوقت الذي تتمسك فيه الحكومة الراهنة بيهودية الدولة وتهويد القدس، فانها ترفض فكرة الدولتين وتعارض وقف الاستيطان، وقد أعلن رئيسها أمام الكنيست أن السلام يمكن أن يتحقق من خلال ثلاثة مداخل، أولها تقدم التطبيع مع الدول العربية، وثانيها اقامة مشروعات اقتصادية في الضفة مع السلطة الفلسطينية، وثالثها دفع العملية السياسية مع الفلسطينيين. أي ان ما يعرضه نتنياهو لا يتجاوز المطالبة بتطبيع العلاقات مع الدول العربية مع اقامة حكم ذاتي يسعى الى انعاش الاقتصاد الفلسطيني. وهو يعتبر ذلك «تنازلا» من جانبه للفلسطينيين والعرب، و«فرصة سانحة» يتعين عليهم امتثالها.

هذه المواقف تتعارض مع رؤية أوباما ومقترحاته، على نحو يفتح الباب لاحتمال الصدام بين الطرفين الامريكي والاسرائيلي. ورغم أن نتنياهو في كتابه «مكان تحت الشمس» ارتأى أن اسرائيل الصغيرة تستطيع أن تتحدى أمريكا الكبيرة، الا أننا لسنا بصدد موقف من هذا القبيل، وان بدا في ظاهره كذلك. اذ لا يشك أحد في أن الولايات المتحدة لها نفوذها القوى في الساحة السياسية الاسرائيلية الذي يمكنها من اسقاط حكومة نتنياهو (بإشارة مثلا الى ايهود باراك رئيس حزب العمل تحثه على الاستقالة مثلا تؤدي الى عودة حزب كاديما بزعامة تسيبي ليفني الى الواجهة مرة أخرى). وفي الوقت ذاته فان أحدا لا يشك في أن اسرائيل لها نفوذها القوى في الولايات المتحدة الذي يمكنها من التأثير على القرار السياسي هناك.

لا تفوتنا هنا ملاحظة أن مبدأ الدولة الفلسطينية، الذي يبدو مثار خلاف الآن، قبل به رئيس الوزراء السابق ايهود أولمرت، وقبله أرييل شارون، كما حدد الرئيس بوش موعدا للوفاء به في نهاية ولايته، ولكن لم يتحقق شيء من ذلك الوعد، ولم تقم للدولة ولا للسلام قائمة. وما حدث أن الاستيطان استمر وتهويد القدس تسارعت خطاه، وشنت اسرائيل حربين في لبنان وغزة.

الملاحظة الأخرى التي يتعين الانتباه اليها أن الحديث الامريكي عن الدولة الفلسطينية لايزال غامضا، بمعنى أنه لم يتحدث عن الأرض التي ستقام عليها الدولة الموعودة. لذلك ليس مستبعدا أن تظل آمالنا معلقة على الفكرة، ثم نكتشف في النهاية أن التصور الامريكي لتلك الدولة ليس بعيدا عن التصور الاسرائيلي، الذي يحولها الى «دولة بقايا» للفلسطينيين منقوصة السيادة والاستقلال في غزة وعلى أجزاء مبعثرة في الضفة موصولة ببعضها بواسطة جسور وأنفاق. وهذه الفقرة الأخيرة ليست من عندى ولكنها للدكتور على الجرباوي أستاذ العلوم السياسية، مقتبسة من مقال له نشر في 5/5، قبل أن يصبح وزيرا في الحكومة الفلسطينية الأخيرة.

(4)
بعدما قامت حكومة نتنياهو بتعلية سقف المطالب والشروط الاسرائيلية، فأخشى ما أخشاه أن نواجه بضغوط أمريكية تطالب الطرفين بتقديم «تنازلات متبادلة» تؤدي مثلا الى قبول الحكومة الاسرائيلية بحل الدولتين والموافقة على ازالة ما تسميه المستوطنات غير الشرعية وعلى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين،
في مقابل اسقاط حق العودة والبدء في تطبيع العلاقات مع بقية الدول العربية. وفي هذه الحالة فان حكومة نتنياهو ستعود الى النقطة التي وقفت عندها حكومة أولمرت، في حين أن العرب سيقطعون أكثر من نصف الطريق نحو التصفية المجانية للقضية الفلسطينية. ومن ثم يصبح التنازل الحقيقي مطلوبا من العرب وليس الفلسطينيين.

حينما تولى نتنياهو رئاسة الحكومة الاسرائيلية في عام 96، وجاء متبنيا الآراء التي يعبر عنها الآن، انعقدت القمة العربية في العام ذاته وهددت باتخاذ موقف حازم ازاء سياسته، لوحت فيه بتجميد العلاقات التي كانت قائمة وقتذاك مع الدولة العبرية. ولم تستمر حكومته لأكثر من ثلاث سنوات، اضطرت بعدها لاجراء انتخابات مبكرة. لكن الوهن الذي أصاب الصف العربي في الوقت الراهن أعطى انطباعا بأن هناك من هو على استعداد للتنازل هذه المرة، الى الحد الذي يمكن أن يستجيب للضغوط الأمريكية المستجدة. وذلك هو المحظور الذي نحذر من الوقوع فيه.

ليست مشكلة الطرف العربي والفلسطيني أنه لا يملك أوراقا يواجه بها الضغط الامريكي أو الصلف الاسرائيلي، ولكن مشكلته أنه لا يملك ارادة الصمود ورفض التنازلات، ويؤثر أن يغطى عجزه بانتظار ما يجود به أوباما أو غيره.

علما بأن الادارة الأمريكية الجديدة بحاجة الى العرب في الوقت الراهن أكثر من حاجتها لاسرائيل. هي بحاجة الى نفط العرب ودعمهم المالي ومساندتهم السياسية في العراق وأفغانستان وباكستان، في حين أن اسرائيل تظل عبئا على الولايات المتحدة، بسياستها التي أشاعت عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وبضغوطها التي تسعى الى توريطها في مواجهة مسلحة مع ايران.

ان العرب يستطيعون أن يتكئوا على عناصر القوة في موقفهم ويرفضوا الابتزاز الاسرائيلي وتقديم أية تنازلات لها، فيما تعلق بالتطبيع أو حق العودة أو تبادل الأراضي أو التسويف في مصير القدس المحتلة. ولن يلومهم أحد اذا ما تمسكوا بموقف الرفض وامتنعوا عن استئناف المفاوضات وتقديم أية مبادرات، وطالبوا كل من يريد مصالحة العرب أن يخاطب الغاصب والمحتل، وليس الضحايا.

ومشكلة هذا الموقف أنه يتطلب ارادة مستقلة وشجاعة. وفي الزمن العربي هذا فان الارادة المستقلة أصبحت مما نسمع عنه ولا نراه، تماما كالغول والعنقاء والخل الوفي.
ولأن الأمر كذلك، فينبغي ألا نستبعد أن تكون اسرائيل هي المستفيد الأول من رحلة أوباما ورؤيته، وأن يصبح الفلسطينيون والعرب هم الخاسر الأكبر .

التوريث فى دعوة الاخوان المسلمين


كلمة التوريث فى عالمنا المعاصر اصبحت لها مدلول خاص يشى بالتملك والاحتكار للسلطة والحكم والنفوذ , وكل حديث عن التوريث يذهب الخيال معه الى توريث الحكم ومعادلاته , لكن التوريث عند الاخوان له مدلول آخر , حيث المقصود هنا هو التوريث الدعوى وليس توريث منصب أو مكانه ونظرا لأنه لاتوجد مناصب عند الإخوان بل مسئوليات وتبعات من هنا كان المعنى من التوريث يختلف تماما عما يدور فى خلد القارىء .
فالتوريث عند الاخوان توريث هموم دعوية وتبعات أمه مهيضة الجناح مسلوبة الإرادة يراد لها أن تتوارى عن جغرافيا البشر ومن ذاكرة التاريخ , ومعه تصبح التبعة على عاتق المصلحين من الإخوان وغيرهم ثقيلة لإعادة هذه الأمة الى سابق عزها ومجدها , ولإنتزاع الحرية المسلوبة من قبل الحكام الى شعوب هذه الأمة التى عانت قرونا من قهر الحكام واستبدادهم .
التوريث عند الاخوان يعنى تتابع الأجيال وتراكم الخبرات وتجنب العثرات ( حتى لايلدغ المؤمن من جحر مرتين ) ولهذا يدرك الإخوان وخاصة شباب الإخوان قيمة شيوخ الجماعة وأصحاب الخبرات الطويلة فى الدعوة والحياة ومعترك السياسة ,كثير من الناس ينادى على قيادات الجماعة أن افسحوا الباب للشباب فهم الأقدر على فهم متطلبات العصر ويقولون لكل عصر رجاله وهذا العصر لايصلح له إلا الشباب , وأقول لهؤلاء وهؤلاء إن جماعة الإخوان تدرك تماما قيمة الشباب لديها كما أنها لاتغفل مكانة الشيوخ وقدرهم , جماعة تدرك أن الشباب هم المستقبل , هم الغد المشرق لهذه الدعوة فهى لاتبخل عليهم بالإعداد والتهيئة ونقل الخبرات وتوريثها لهم من قبل اصحاب الخبرات والتجارب فى الجماعة من شيوخها , وتدرك قوى الشر والفساد أهمية ذلك جيدا فتسعى جاهدة للحيلولة بين شباب الجماعة وقياداتها , أنها تريد أن تعرقل التوريث عند الإخوان فى الوقت الذى تسعى فيه بكل قواها لإقرار توريث الحكم والسلطان ( حلال على بلابله الدوح حرام على الطير من كل جنس ) .
ولهذا يدرك الإخوان جيدا قيمة وقدر شيوخهم وعلمائهم ويقدرون خبراتهم وما اكتسبوه يسابقون الليل بالنهار , ويتخطون الحواجز تلو الحواجز والعقبات تلو العقبات من أجل توريث هذه الدعوة الى الأجيال الصاعدة والفتية الناشئة ليبنى اللاحق على السابق ليستكمل البناء.
لقد هلل القوم وطبلوا وطنطنوا كثيرا حول حديث فضيلة المرشد عن تصريحه بالإكتفاء بفترة واحدة فى موقعه ليترك المجال لغيره من قيادات الجماعة يختارون من يصلح لهذه المهمة فى هذه الفترة ولا ادرى سببا لهذه الطنطنة لن هذا التصريح ليس بجديد وقيل قبل ذلك منذ ثلاث سنوات فلماذا الحديث عنه اليوم ومايعيب فى ذلك , اليس هذا من مفاخر الإخوان انهم لايحتكرون مكانة ويؤمنون بالشورى ويتماشون مع الديمقراطية ممارسة وتطبيقا ,( لقد كان عنترة بن شداد فارس لايبارى فلما لم يجدوا فيه شيئا يعاب عيًروه بلونه السمر , فقال : لإن أك أسمر فالمسك لونى ) وتبارى القوم فى النفخ فى الحديث وجدية الإلتزام به والمراهنة على التراجع عنه , وقام نفر من شباب الإخوان يهللون للحديث والتصريح كأنهم لأول مرة يسمعوه أو لكأنهم فوجئوا به ومن شدة اندهاشهم تمنوا على فضيلة المرشد أن يفى بوعده حتى لاتصدق مراهنات القوم , ولا اكتمكم حديثا أننى اصابنى ضيق شديد عند قراءتى لتحليلات شباب الآخوان وتهليلهم للخبر ليس لأنى لاأريد التغيير .. أبدا .. بل أنا من أكثر المشجعين للتغيير والساعين إليه ولكن حزنى على الشباب أنهم لاينطلقون فى رؤاهم من منطلقاتهم هم ولا من منطلقات وأبجديات الجماعة ولائحتها حين ننادى بتطبيقها والإلتزام بها أو إلى تفعيل الشورى وإنضاجها وهذا كله دعما لمسيرة الدعوة والجماعة ودفعا لها للأمام ولكن الشباب انطلقوا من منطلقات القوم بأحقادها وخصوماتها وراحوا يبنون عليها رؤاهم وأمنياتهم حتى خيل الى وأنا أقرأ المقالات أن الشباب قد ضاقوا ذرعا بفضيلة المرشد وسياسته ففرحوا بحديثه عن عدم قبول المهمة مرة أخرى , رغم علمى ويقينى أنهم أبدا ماأرادوا ذلك ولا دار بخلدهم يوما وأنهم يقدرون لفضيلة المرشد قدره ودوره المؤثر والحراك الكبير الذى أحدثه للدعوة والجماعة منذ توليه المسئولية , وهو الرجل الذى لاأزكيه على الله وهو من ترك حياة النعيم وركوب الخيل والعيش فى السرايا لينضم الى ركب الدعوة يجاهد فى سبيل اعلاء راية الدعوة ويقبل فى سبيل ذلك أن يدفع حياته ثمنا لدعوته ودينه فيحكم عليه بالإعدام فى قضية سيد قطب ليخفف الى عشرون عاما قضاها خلف قضبان الظلم محتسبا ذلك كله لله ليخرج أصلب عودا وأكثر همة ونشاطا يجوب العالم مشرقا ومغربا يقود معسكرات الشباب والمراكز الاسلامية لايخشى فى الله لومة لائم وصدق الأستاذ الدكتور محمد حبيب وهو يتحدث عنه حيث قال :( إن فضيلة المرشد كالفارس الذى امتطى جوادا وأسرع به ونحن نقول له رويدا ..رويدا بنا أستاذنا ..).
إن الإخوان لايرثون ولايورثون مكانة ولا وضعا معينا يرغبون فيه, لكنهم يورثون خبراتهم الدعوية لأبنائهم الدعاة الذين يحملون الراية من بعدهم لأنهم يؤمنون وينطلقون من قول النبى الأعظم صلى الله عليه وسلم " العلماء ورثة الأنبياء , وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ".
فيا شباب الإخوان تزودوا برصيد الخبرة وعلم الدعوة وعملها من شيوخ الإخوان الكبار لاتدعوا فرصة تمر دون أن تترددوا اليهم لتنهلوا منهم , إننا حين نقرأ خبرا عن وفاة أحدهم ولم يسطر خبراته فى كتاب ولم تسجل له حلقات ولم تجر معه حوارات أحزن أشد الحزن , لقد تطورت تقنيات وتكنولوجيا العصر بما يسمح وببساطة من زيارة أحدهم واجراء حوار معه وبثه الى العالم أجمع وليصبح هذا العمل أرشيفا ورصيدا يلجأ اليه من يشاء وقتما يشاء فى أى مكان شاء وهذا هو العلم النافع الذى ينتفع به وأنتم أقدر الناس معشر الشباب على هذا فلا تبخلوا على دعوتكم بهذا العمل العظيم دون عناء أو تعب ودون تبعات او عراقيل ادارية , كما أنه زيادة فى رصيد حسناتكم , إن هناك نماذج من حكاياتهم أغرب من الخيال , ولم نسمع عنها الا من خلال كتب التابعين والسلف الصالح وهى نماذج مازالت على قيد الحياة فبادرو اليهم وخذوا عنهم لترثوا العلم والهمة والعمل لدعوة الله .
وفقكم الله وسدد خطاكم د/ انور حامد

التغيير والاصلاح مشروع أجيال


اثناء انتخابات 2005 لمجلس الشعب خرج أحد المناصرين للحزب الحاكم يصيح فى جمهور الحاضرين بأعلى صوته "....لاتنتخبوا الاسلاميين ولاتعطوهم أصواتكم لأن الطريق امامهم مغلقة ,والمصالح لن تتم عن طريقهم ....سكتهم مقفولة !!!!سكتهم مقفولة!!! ...." وانتهت الانتخابات ونجح الاخوان بشعارهم الاسلام هو الحل وما أن نجحوا حتى كانت التعليمات للأجهزة التنفيذية بعدم التعاون معهم والامتناع عن تنفيذ او قضاء أى مصلحة للشعب عن طريق نواب الاخوان , ومعها بدأت مراحل الصراع المختلفة , وحلبات النزال المتعددة , وكأن الحكومة بأغلبيتها الميكانيكية ليست مسئولة عن الشعب ومصالحه ويريدون أن يعاقبوا الشعب على اختياره , لتعلن الجماهير أنها تابت وانابت عن فعلتها وأنه إذا كان نواب الحكومة ينهبون مقدرات البلد ويرعون الفساد إلا أنهم قد يلقون للبعض من الناس الفتات وهذا فى نظرهم خير من الحرمان على يدى الاخوان !؟, ومع الجهد المبذول من السادة النواب تشريعيا وخدماتيا للجماهير واقليميا لخدمة القضايا الاقليمية (وهو جهد لايقدر عليه الا أولو البأس والعزم من الرجال ) ومع تركهم لمصالحهم الحياتية وتضحياتهم العظيمة الا ان الكثير من الناس لايرى ذلك كافيا , " والناس معذورة "لكن تنادى البعض من ابناء الدعوة الاسلامية ومن شباب الاخوان عن الجدوى من تكرار هذه التجربة بتضحياتها رغم نتائجها غير المرضية والغير متناسبة مع التضحيات مع عدم شعور الجماهير بالجهد المبذول.

لاادرى لماذا طفت هذه الأحداث على مخيلتى وأنا أتابع أحداث الواقع الفلسطينى بتداعياته المختلفة عبر مراحله المتعددة , فحين كانت حركات التحرر الفلسطينى تقاتل فى جنوب لبنان فى الثمانينات كانت رؤية بعض الجبهات العربية وبعض الحركات السياسية والسياسية المسلحة فى لبنان أن هذا العمل جنون وانتحار بل فضل بعضهم العمل مع الصهاينة وقاتل مع العدو جنبا الى جنب انبثاقا من رؤيته لسياسة الأمر الواقع فى رؤيته من زاوية ضيقة لحلقة من حلقات الصراع , وفى المقابل كانت هناك رؤيا أشمل لمراحل الصراع المختلفة تبنتها فصائل المقاومة تقوم على مبدأ تحرير البلاد بالمقاومة والسلاح , فى الوقت الذى تراجعت فيه بعض الحركات عن المقاومة واختارت طريق المفاوضات والحل السلمى مع العدو وبعد عشرون عاما من العمل تراجع فيها المفاوضون وتقدموا ولم يحصلوا على ارض الواقع على شىء يذكر, فى الوقت الذى نجحت فيه المقاومة على اجبار العدو على الرحيل من جنوب لبنان ثم من قطاع غزة .

على الجانب الاخر كان العدو الصهيونى ومن معه يدركون أن قيام كيان لهم لن يتم عبر جيل واحد كما أن تغيير قناعات العرب والمسلمين لابد أن تتم عبر أجيال متتالية ولكل مرحلة عندهم لها آلياتها وتكتيكاتها كما أن الصراع له محاور متعددة وكلها يجب ان تسير جنبا الى جنب فالقوة العسكرية تتدخل فى اللحظات الحاسمة لضعف الامة العربية والاسلامية لفرض واقع على الارض , وحين يثور الناس وتتعقد الامور تتدخل القوة الناعمة قوة السياسة لتكسب واقعا قانونيا واعترافا دوليا حتى وان كان اصل القضية باطل, و حين تأخذ السياسة مجراها تساندها القوة الدبلوماسية لإيجاد عامل ضغط فى المحافل الدولية واكتساب علاقات جديدة تدعم الوضع القانونى وتعزز الوضع العسكرى على الأرض , وعند البعض تتحرك لغة المصالح والمنافع الشخصية فى النفوس ويغلف ذلك كله المعركة الاعلامية للتأثير المعنوى ايجابا وسلبا لدى الاتباع والخصوم.لذلك قام كيانهم على مراحل بلغت 100 سنة ولم يكتب له الاستقرار بعد ( ولن يكتب بإذن الله ) وهم يدركون ذلك جيدا لكنهم ماضون كل يؤدى دوره حتى يترك موقعه اوينقضى اجله ليكمل غيره الدور كحلقة فى سلسلة ولا يتعجلون لذلك ينجحون .
أما نحن ونحن امة التخطيط والنظر للمستقبل , امة تزرع فى الدنيا لتحصد النتائج فى الاخرة , تعمل فى الحاضر الملموس وتنتظر النتيجة من عالم الغيب , ورغم ذلك لا تحسن النظر الى المستقبل البعيد أو القريب ويصيب الناس لون من فقدان الأمل على الرغم من أن النزال مراحل وليس مرحلة واحدة هذه المراحل قد تتجاوز أعمار أجيال الى اجيال أخرى وكان الأولى أن نكون نحن أحق بهذا الفهم والوضوح من غيرنا حتى نستطيع تحقيق الأهداف الكبرى.
الدول الكبرى التى جعلت السيطرة على مقدرات الشعوب أحد مهامها وأهدافها لاتتغير لديها هذه الأهداف بتغير الحكومات رغم اختلاف التوجهات والمناهج لكل حكومة سواء حكومة يمين او وسط أو يسار جمهوريون أوديمقراطيون إصلاحيون أومحافظون والكل يبنى على سابقة ويعمل على تحقيق نفس الاهداف وان اختلفت الوسائل , لقد تغيرت الادارة الاميريكية وجاءت بشعار التغيير ولكن موقفها من اسرائيل والسودان وإيران وكوريا الشمالية لم يتغير رغم أن هذه المواقف تبنى على سياسة الكيل بمكيالين , ورغم أن هذه الحكومات تتشدق بالديمقراطية وتدعى رعايتها لحقوق الانسان .
فهل آن لنا أن ندرك أن الصراع مراحل ممتده , وله سيناريوهات متعددة ويمر عبر أجيال متتالية وان الأمة التى تراجعت لعدة قرون لن تعود الى المجد فى عقد من الزمان بل فى عقود وعلينا أن نفكر بطريقة استراتيجية بعيدة المدى ونرسم خطواتنا على برامج وسياسات لاترتبط بالأشخاص ولا تتاثر بغيابهم , ولكن من خلال نظام للعمل التراكمى تتضافرفيه الجهود وتنجز الاعمال وتتحقق الاهداف, اننا بحاجة الى من يرقب بعينه المستقبل البعيد ويمسك بيدة المستقبل القريب , ويجمع بين جوانح نفسه هموم امته فيقدمها على مطامحه الشخصية .

لماذا لايتغير الاخوان ؟

الاخوان المسلمون أكبر حركة وفصيل اسلامى على مستوى العالم يتخذ المنهج الوسطى ويسعى الى التغيير والاصلاح كمنهج حركى تلتزم به الجماعة لتحقيق أهدافها والتى تتمثل فى اقامة العدل والحرية والمساواة والشورى ووحدة الأمة ونهضتها , وهى تتخذ لذلك وسائل عديدة ومن أجل ذلك تعترضها عقبات كثيرة وتفرض عليها تضحيات عظيمة , وتتآلب عليها قوى الفساد وأعداء الحرية , وهى صابرة ومصابرة تتلقى الضربات تلو الضربات وهى ثابتة على نفس الطريق تعيد المحاولة مرات ومرات , وسهام النقد لاتتوقف من القريب والبعيد , من الصديق والخصم على حد سواء مع اختلاف المقاصد والنوايا .
وازدادت المطالبة للإخوان بالتغير والتطور حتى اختلط الأمر على الناس والمهتمين بشأن الاخوان وعلى الإخوان انفسهم , وصار مع كل مناسبة وأحيانا كان من غير مناسبة تتجدد الدعوة للإخوان تطالبهم بأن يتغيرو ويطوروا من أنفسهم , ولأن التغيير سنة من السنن الربانية والتطور مطلب انسانى للتقدم والتطور , لذلك كان عدم الاستجابه لهذه الدعوات من قبل الاخوان يعنى التقوقع والقولبة ورفض الحضارة والسير عكس حركة التاريخ , ولأن هذا الأمر ينطوى على مغالطات كثيرة واختلاط للأمور بعضها ببعض وفساد للإستنتاج لفساد الإستدلال من هنا كان لابد من الغوص فى أعماق هذا الموضوع ومناقشته بشفافية ووضوح واضعين نصب أعيننا التقدم والتطور والحرية والعدل والشورى ونهضة الأمة ووحدتها .
بداية لابد من تحرير بعض المصطلحات لتكون منطلقات الحديث ثابتة وواضحة أمام أعيننا :
الغايات : الغايات هى اسمى المقاصد وأعلى الأهداف وهى التى أجملها الإخوان فى شعارهم ( الله غايتنا ) أى غايتهم ومبتغاهم هو رضى الله وحده من كل اعمالهم وحركاتهم وسكناتهم وأهدافهم ووسائلهم .
المبادىء: هى الأطر العامة أو السياسات العامة التى تحكم حركة الجماعة لتحقيق غايتها , وهى التى وضعها مؤسسوا الجماعة للإلتزام بها وهى من الثوابت التى لاتتغير بتغير الظروف والأحوالومثال عليها التدرج فى التغيير , والتغيير السلمى , وعدم تبنى الخلاف الفقهى أو الإلتزام برأى فيه أو إلزام الأفراد برأى معين ,,,,,.
الإجراءات : هى ماتتخذه الجماعة من تدابير لتنفيذ الوسائل وتحقيق الأهداف , وهى من المتغيرات التى يجب على الجماعة ممثلةفى أبنائها كل فى موقع مسئوليته أن يسعى إلى تطوير الأدوات وتغييرها وتنوعها ماأمكن لذلك سبيل ومن ذلك الانتخابات مثلا دخولها أو الاحجام عنها والآلية التى تتخذ لتنفيذها وخوضها وافضل السبل لإنجاحها ,كذلك وسائل التعبير عن الرأى ووسائل الضغط مثل التظاهر والوقفات والمسيرات , ووسائل الضغط المختلفة إعلاميا وسياسيا ومجتمعيا كل هذه اجراءات تتغير بتغير الظرف وتحتاج إلى التطوير والتحسين والتنوع والإحترافية فى الأداء وفى هذا الجانب توجد مسافات كبيرة بين مايؤدى وبين الاحترافية فى الأداء .
محاور العمل : هى المجالات التى تعمل من خلالها الجماعة للوصول إلى غايتها وهى حق أصيل لقيادة الجماعة وثابت من ثوابتها لايقرره الغير ولاتفرضه الظروف ولايقترحه الأفراد , بل على الأفراد الإلتزام بالعمل من خلال هذه المحاور , وهذه المحاور تشمل السياسى و الدعوى و الإدارى وغيرها من المحاور , وهنا كان الجدل الدائر حول التغيير الذى ينشده البعض ويطلبه البعض الآخر , ألا وهو التخلى عن بعض هذه المحاور إيثارا للسلامة وحفاظا على الجماعة وضمان للسير دون الإصطدام والتعثر ومثال ذلك التخلى عن المحور السياسى والتركيز على المحور الدعوى , هذه المحاور وضعت مسبقا لتحقق الأهداف القريبة والبعيدة ووضعت بعد دراسة متأنية بعيدا عن ضغوط العقبات وتغير السياسة وتقلبها, والجماعة التى تغير محاور عملها طبقا لتغير السياسة لن تحقق شيئا من أهدافها وسينحرف مسارها, ولكن يجب أن يكون هناك مرونة لتغليب محور على آخر والتركيز على محور لحساب آخر وكذلك التقديم والتأخير والإسراع والإبطاء تماشيا مع الظروف والواقع دون التخلى عن أى من محاور العمل.
مسارات العمل: وهو الخط العملى الذى تسلكه الجماعة وتعمل من خلاله فى محاور العمل المختلفة لتحقيق الأهداف ومنها الحزب يعتبر مسار سياسى من المسارات التى تنفذ من خلالها اعمال المحور السياسى والجمعيات الخيرية واعمال البر مسار للمحور المجتمعى وهكذا وهذه المسارات تتغير وتتطور وتستجد فيها مسارات جديدة كل يوم يجب الخذ بها .

من خلال التعرف على هذه المصطلحات نستطيع أن نقول أن التغيير مطلوب فى الإجراءات والوسائل وهى محل نقد من أبناء الجماعة أملا فى تحسين الأداء وهذا حقهم على جماعتهم وأنا أدعو من هنا كل فى موقعه وحدود مسئوليته أن يسعى إلى تطوير نفسه وتحسين أدائه وأن يعلم أنه يعمل فى جماعة هى محط أنظار العالم كله ومحط آمال الكثيرين من أبناء هذه الأمة , فوجب على الجميع العمل بما يقتضيه عليه انتماؤه , مع تقبل النصح والنقد للأداء لأن الكمال لله وحده وليس هناك حدود فى التجويد والإتقان ولكن هناك مستوى ينبغى ألا نقل عنه وأن نبحث عن كل جديد ,كما أقول للمنتقدين من أبناء الجماعة أن التغيير والتطوير فى الوسائل وكذلك كفاءة الأداء أمر مطلوب لدى الجميع لكنه فى ذات الوقت هو أمر كمى وليس قطعى بمعنى انه امر يشمل درجات الإجادة المختلفة من الحسن والجيد والممتاز والأحسن والأفضل ولا يعنى المقابلة فى المعنى بين الصواب والخطأ , ومن هنا تتغير النظرة الى التطوير وتقل الحدة فى النصح , ومعها نحسن تشخيص الواقع ليحسن علاجه والتدرج فى الإصلاح والتطوير.
نقطة أخرى وهى أن جماعة الإخوان لها مرشد واحد ومكتب إرشاد واحد أى لها رأس تدير هذا الهيكل الكبير والبعض يرى أن هذه نقطة ضعف للجماعة حيث أن كبر الهيكل وضخامته يؤدى الى ترهل فى الأداء وعائق فى المناورة سياسيا , وهذا الطرح يفتقد الى الرؤية الواضحة لطبيعة التنظيم وطبيعة الحركة , وإلا لو صح ذلك لكانت الجيوش التى تضم عدة ملايين فى الجيش الواحد لكانت عائق فى حركتها وهى التى تعتمد بشكل أساسى على الحركة والمناورة وكفاءة التنظيم والإنضباط من خلال الادارةالمركزية, فوجود هيكل وتنظيم وقيادة عامل قوة وليس عامل ضعف ولكن هذا الهيكل والتنظيم يحتاج إلى كفاءة ومهارة فى الأداء للأفراد والضعف فى الأداء مرجعه إلى ضعف المهارات والقدرات لدى الأفراد وهذا هو محل التطوير والإصلاح, كما أن التطوير فى الأداء وابتكار الوسائل أمر لايرتبط بالقرار الإدارى وان كان حرص القيادة على التطوير والدعوة اليه يجب أن تكون من أولويات القيادة وأحد مهامها , ومع هذا يبقى التطوير دافع ذاتى لكل فرد فى الجماعة وهو باب غير مغلق أو محتكر من جهة من الجهات ولذلك لايصح أن نطالب بالتطوير والإصلاح من القيادة دون أن نسعى اليه ونمارسه , فاختيار مكان معركة بدر كان باقتراح أحد الجنود ( الحباب بن المنذر) ليغير الموقع الذى اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم , كما أن دخول الإخوان انتخابات 1987م كان برأى أحد أفراد الصف الغير معروفين , كذلك فإن الذى اخترع صواريخ القسام لم يكن قياديا فى حماس ولا مهندسا فى تصنيع الصواريخ ولم يكن يعرف كيف تصنع ولاقوة الدفع ولا كيفية الاطلاق والتفجير لكن الذى كان يعرفه ويشغله كيف يبتكر وسيلة يقاوم يها الأعداء ويقلل بها الخسائر فى صفوف المجاهدين هذا الدافع هو الذى جعله يسعى ويسأل ويجرب حتى كتب له النجاح وكما يقولون الحاجة أم الإختراع , نعم انه الشاب نضال فرحات الذى لم يتجاوز عمره الثلاثون ربيعا , ولم يكن قائدا من القيادات ولم يمنعه ذلك من السعى الدؤوب لتحقيق مراده.
نعم تحتاج الجماعة الى التطوير والتحسين والتجويد فى الأداء ولكن هذا التطوير فىالإجراءات والوسائل والآليات والمسارات , ولكن لايعقل أن نطالب بتغيير المبادىء أو محاور العمل والأداء وإلا كان المطلوب تعديل وتغيير هذه الجماعة بجماعة أخرى ذات مبادىء مختلفة واهداف مختلفة ومحاور أداء مختلفة واعتقد أنه لايطلب هذا محب ولا منصف ولايجرؤ على التصريح به خصم عاقل , أما غير هؤلاء فقد ذهبو الى ماهو ابعد من ذلك ذهبو الى تاليب المجتمع وحشده ضد الجماعة وضغطوا بكل قواهم لإسقاط الجماعة سياسيا حين عجزو عن مواجهتها فى الميدان فنسبو اليها كل قبيح لم تفعله واستخدموا الاعلام لتزييف الحقائق واثارة الرأى العام فى الوقت الذى تحاصر فيه الجماعة اعلاميا وتمنع من أى منبر يصل الى الناس ولم تترك لك الا الفضاء الإلكترونى الذى لايطلع عليه الا ابناء الجماعة فقط وهو تحت ضغط مستمر وليس امام الجماعة خيارات كثيرة وهذا ليس مبررا للسكوت أو للتقوقع ولكن هذا يفرض على أبناء الجماعة وافرادها التفكير فى البدائل التى تخدم الدعوة بدلا من السعى المستمر الى النقد دون العمل والبناء . د/ انور حامد

استحقاقات المرحلة الراهنة

المرحلة الراهنة هى مرحلة صعبة وفارقة وخطيرة على مستوى العالم اجمع وعلى منطقتنا العربية وعلى منطقة الشرق الاوسط وخصوصا القضية الفلسطينية .
فعلى المستوى العالمى تضرب الازمة المالية اجناب العالم أجمع وخاصة القوة العظمى والوحيدة التى كانت تقود العالم أجمع الى حرب تركيع جبارة لاتبقى ولاتذر ( فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ) وهم الذين كانو يقسمون العالم الى أغنياء وفقراء ومتخلفون كدول العالم الثالث , وهم يتعاظمون بأموالهم التى نهبوها وحصلوها زورا وبهتانا وجمعوها من الحروب وتجارة السلاح للمتحاربين وشن الحروب نيابة عن المتخاصمين ( وكله بحسابه) وظنت أنها بماتملك من أموال واقتصاد قوى لاتحصى أرقامه أنهم قادرون على استعباد العالم وتركيعه ( وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ) وتغلغل اليهود والربا لعبتهم المفضلة فأقاموا الاقتصاد كله على دعائم الربا فعلا البنيان ولكن على غير أركان فانهار هذا البنيان مرة واحدة وتداعت تبعاته على كل المراهنين عليه والمرتبطين به .
على الجانب الاخر تزايدت حركة الاحتجاجات وزاد وعى الشعوب بحقوقها وان كانت دون المستوى المطلوب وازدادت الجرأة فى المطالبة بالحقوق والتعبير عن الغضب , وجنحت الحكومات مع حكامها بعيدا عن شعوبها وتدثرت بالفساد والتصقت وتترست بمراكز القوى من المفسدين واستخدموا قوة الجيش والشرطة لحمايتهم من شعوبهم بدلا من تسخير الجيش لحماية البلاد , وعلى أثر ذلك فقدت الشعوب الثقة تماما فى حكامها وحكوماتها وباتت تفكر فقط فى موعد رحيلها والبعض يفكر فى كيفية رحيلها , هذا الحال جعل الوضع غير مستقر فى معظم البلاد العربية والجميع ينتظر بين لحظة واخرى تغييرا سيطرأ فى موضع من المواضع وبلد من البلدان ... فهل سيحدث هذا قريبا ؟ وأين ؟ ومتى ؟
على جانب آخر وبخصوص التهدئة بين الفلسطينيين والصهاينة هل يمكن أن تتم ؟ وهل إذا حدثت سيلتزم بها الصهاينة ؟ وهل ستفتح المعابر ؟ التى يسيطر عليا اليهود !؟ وهل سيفتح معبر رفح ؟ وإذا لم تبرم التهدئة فمامصير معبر رفح ؟ هل تتجرأ الحكومة المصرية وتفتحه ؟ أم سيظل مغلقا تحت تذرعات أخرى ؟وهل يمكن أن تحدث مصالحة بين فتح وحماس؟ وهل ستقبل السلطة الفلسطينية بذلك ؟ وإذا قبلت فهل يقبل ذلك فريق الدحلانيين ؟ وهل من المعقول أن يقبل فريق رام الله بخيار المقاومة وهو الذى وقع على وثيقة لاستئصال المقاومة ؟
كل هذه الاسئلة وغيرها كثير يدور فى الفكر يبحث عن اجابة شافية , وتزداد الحيرة والبحث عن الاجابة كلما تحدث الفرقاء عن قرب الوصول الى مصالحة وعن الخطوات الايجابية التى اتخذت والتى فى الحقيقة لم يبنى على ارض الواقع منها شىء .
فى الواقع فإننى اتمنى أن تحدث التهدئة وأن تفتح المعابر وترفع المعاناة عن اخواننا فى كل فلسطين وليس فى غزة وحدها وان تحرر الارض , ولكن بين الامنية والواقع حدود ومسافات والام ومعاناة , حيث إننى أرى أن تحقيق التهدئة وقبول العدو له أمر صعب المنال رغم احتياج العدو له , لكنه يريد تهدئة ترفع اسهم العدو وتضعف موقف المقاومة , تريد تهدئة لاتلزمها بشىء ولاتكلفها فى ذات الوقت شىء وهذا لن يحدث ولن تقبل به المقاومة ,وبالتالى هم يريدون الان ان يطول زمن المفاوضات , لان الواقع الحالى ليس فى صالحهم واستمرار الوقت يعنى استمرار الحصار والمعاناة للشعب الفلسطينى, وهم يضغطون على الحكومات العربية وخاصة الوسيط المصرى من أجل الضغط على حماس وفصائل المقاومة لبقاء الوضع الراهن على ماهو عليه دون مزايدة او توتر لحين الوصول الى حل , فى الوقت الذى يرفضون فيه كل الحلول , والمعنى بقاء الحصار لحين إشعار آخر وفى هذا يحقق العدو بعضا من المكاسب التى عجز عن تحقيقها بالحرب حيث الوضع الان أكثر سوءا من ذى قبل وحجم الدمار مهول والوضع الانسانى صعب ممايزيد من المعاناة لدى المواطنين مماتعجز معه الحكومة الفلسطينية المقالة فى غزة من علاج الوضع لعل وعسى يتحرك الشعب الغزاوى ضد المقاومة وضد حماس وان لم يفعل فليتحمل الشعب الحصار جراء ذلك , كما أنه على الجانب الاخر تريد الحكومة الصهيونية الضغط زمنيا لافشال مؤتمر الاعمار لغزة المقرر عقدة فى الثانى من شهر مارس آزار المقبل .
وحتى لوحدثت تهدئة فلن يلتزم بها الصهاينة وستظل الخروقات والقتل والاعتقال والعمليات العسكرية , فى الوقت الذى ستطالب فيه الحكومات العربية حركات المقاومة بعدم الرد وتفويت الفرصة عليهم وعدم اطلاق الصواريخ دون ان يكون لهم تأثير على الصهاينة , حتى إذا ضاق الامر بالفلسطينين وقامو بالرد كانت اسرائيل على اتم الاستعداد لحرب جديدة ,ساعتها سيهب العرب جميعا لانتقاد المقاومة وسينعتونها بأبشع النعوت والالفاظ ,وعندها ستبدأ مرحلة جديدة من مراحل الصراع وحلقة من حلقات النصر لهذه الامة .
أما المعابر فالغالب عندى انها حتى لو تم الاتفاق على التهدئة فلن تفتح الاقليلا وحسب مايريد الصهاينة وهذا مابدا ظاهرا حين اشترطوا نسبة الفتح ب 80% وستبقى نسبة ال20% هى مسمار جحا الذى يتعللون به , واسرائيل التى لم تلتزم بقرار دولى , لن تلتزم باتفاق مع العرب ولا الفلسطينيين.
اما مصير معبر رفح فسيظل معلقا بالقرار الصهيونى من التهدئة وفتح المعابر , فإذا لم تقرر الحكومة الصهيونية الموافقة على فتح المعابر فلن يفتح معبر رفح والحجج والتعليلات جاهزة , كما أن معبر رفح يستخدم كوسيلة ضغط من سلطة رام الله والحكومة المصرية على فصائل المقاومة وحكومة غزة لتحقيق مكاسب فى حوار فتح مع حماس والفصائل.
أما موضوع المصالحة الفلسطينية فهو موضوع شائك وأرى أن تحقيقه يشبه المعجزات التى يتطلع اليها الجميع ,فالسلطة الفلسطينية لن تقبل بخيار المقاومة ولن تستطع الانحياز اليه ولا أدرى كيف يمكن أن يقبل بالمقاومة من ربط ورهن حياته العملية والسياسية بالعدو ؟ هل يقبل الحليف الصهيونى بمبدا المقاومة ؟ أقول وبكل أسف لا والف لا , إذا ماذا يحدث ؟ وماجدوى هذه الجلسات والمحاورات والمشاورات ؟ أقول هذه هى السياسة التى لايستطيع سياسى يفهم فى السياسة أن يرفض طلب الحوار والمصالحة والا كان امام الرأى العام هو الداعى الى الانقسام والفرقة , وبالتالى يخسر الراى العام وربما تكون نتائج هذه الخسائر هو خسارة الموقف برمته , بل ربما تاريخه السياسى , وستظل الجلسات والحوارات وقتا من الزمن مع التسريبات التى تتم الى الراى العام حتى تتاح الفرصة لإعلان فشل الحوار أو تحميله طرف من الاطراف , وهذه معركة أشبه ماتكون بمعركة عض الأصابع, وعندها ستعود المعادلة الى نقطة البداية مرة أخرى هذه النقطة تتغير عندها موازين القوى وتظهر قوى وتختفى أخرى , وبمعنى أدق سيستمر الصراع بين فصائل المقاومة وسلطة رام الله جولات وجولات حتى ينتهى هذا الجيل من الخانعين من سلطة رام الله ( ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا ).
كل هذه الاوضاع تفرض استحقاقات على الجميع ,استحقاقات يدفعها البعض وقد يحصلها فى أحيان أخرى , استحقاقات تضع الجميع على أهبة الاستعداد لتقليل الخسائر او لتعظيم المكاسب , استحقاقات تدفع البعض الى القمة وقد تهوى بآخرين الى القاع . ولنا بمشيئة الله عودة اخرى لتفصيل هذه الاستحقاقات . د/ انور حامد

المشهد الفلسطينى بعد أحداث غزة


لقد كانت الحرب على غزة كاشفة لكل المواقف وليس عجبا أن يطلق عليها أهل الرباط فى غزة معركة الفرقان لأنها كانت فارقة فى كل شىء وفرقت بين مرحلتين متباينتين , وبعثت هذه الحرب برسائل إلى الجميع واتضحت المواقف ولابد للجميع أن يعيد حساباته وفق هذه المواقف الجديدة .

أولا : أهل الرباط فى غزة وفلسطين:

تحية إكبار وإعزاز لكم لثباتكم وصمودكم وفهمكم لقضيتكم وطبيعة المعركة مع العدو فلم تتنكبوا الطريق ولم تنشغلوا بشىء غير العدو وأذكركم :
أنكم أهل الرباط والطائفة المنصورة وأنكم قاهرين لعدوكم ولن يتمكن منكم العدو إلا بما يصيبكم من لأواء :عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين , لعدوهم قاهرين , لايضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك , قالوا وأين هم ؟ قال : ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ) أخرجه عبدالله بن الإمام أحمد والطبراني في الكبير.
أن أرض فلسطين هى أرض المحشر والمنشر ،كما روی عن الرسول صلى الله عليه وسلم الحديث الشريف : ( يا رسول الله أفتنا فی بيت المقدس ؟ قال : أرض المحشر والمنشر. ائتوه فصلوا فيه, فإن صلاة فيه كألف صلاة فی غيره قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه ؟ قال: فتهدی له زيتا يسرج فيه, فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه ) ( الراوی: ميمونة بنت سعد مولاة النبی : حديث صحيح ).
أن المعركة لم تنتهى لأن الحبيب المصطفى قال " حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك" ولكن العبرة بالنهاية فأنتم المنتصرون فاثبتوا على ذلك ومعركة الحياة والبناء والإعمار أصعب من المعركة العسكرية .
أن الحرب رغم آلامها وجراحها إلا أن لله أمور يبديها ولايبتديها ولكن لله فيها ترتيب آخر لايعلمه كثير من الناس فلقد أعادت الحرب القضية الفلسطينية إلى الوجود مرة أخرى بعد أن كانت تراوح بين الموت والموات , وكسبت القضية تعاطفا دوليا من الشعوب قبل الحكومات .
لاتعولوا على الحكام العرب ولاتربطوا قضيتكم بهم فإنهم لايملكون من أمرهم شيئا ومصيرهم إلى الزوال ولكن راهنوا على الشعوب وهى مازالت حية تنبض بالحراك وهذا هو المكسب الحقيقى من مكاسب الحرب.
لاتنزعجوا من السلطة الفلسطينية وتصرفاتها فهى مقهورة على أمرها وسارت فى طريق التنازلات لمرحلة لاتملك فيها التراجع ( فقد اعترفت بالعدو وألغت خيار المقاومة ووقعت على محاربته ووافقت على خيار تسوية القضية بالشروط الصهيونية ) وبالتالى لو فكرت فى تغيير موقفها فسيكون مصيرها أشد قسوة من مصير الراحل ياسر عرفات , وهم بالتالى يدركون بأنهم أمام خيارين لاثالث لهما خيار الموت بأى وسيلة والحصار والإعتقال والإعدام كمصير صدام أو الخيار الآخر وهو تنفيذ الإملاءات الصهيونية .

ثانيا :حركات المقاومة فى غزة :

وعلى رأسهم حركة حماس أحييهم وأشد على أيديهم وأقول لهم أعلم جيدا أن ميدان القول غير ميدان العمل أو كما يقول المثل العامى ( اللى ايده ف المية غير اللى ايده ف النار )
وأعلم أن الوضع صعب بل فى غاية الصعوبة ولكن أعلم وأنا على يقين أنكم أهل لذلك وأنكم كما دحرتم العدو فانتم قادرون على تحدى الصعاب وبعد النصر تأتى مرحلة جنى الثمار وهذه المرحلة تدور معها رحى المعركة السياسية التى لاتقل شأوا عن المعركة العسكرية وتحتاج إلى الدعم والإسناد دبلوماسيا واعلاميا وتلك معارك أخرى تدور رحاها أيضا وقد تابعت بانبهار المجاهدين البواسل وهم يخوضون هذه المعارك جميعا فى آن واحد ويحققون النجاح تلو النجاح مع أن المعركة السياسية والإعلامية والدبلوماسية تتدخل فيها عوامل عدة وأطراف عديدة مما يجعل المعركة أكثر صعوبة وميادينها كثيرة ومتنوعة وجبهاتها عديدة وذلك يتطلب جهود أكبر ومتابعة حية وترقبا لكل مايقال ومايكتب ومايعرض بدون استثناء مع التحليل والرد المناسب فى التوقيت الأنسب وعدم الإلتفات إلى القضايا الجانبية والمعارك الكلامية.
ولتعلموا أن القوة السياسية فى مواقفها تستند أساسا على ماتحققونه أنتم على الأرض ولولا ثباتكم وصمودكم لتغيرت الأمور سياسيا وميدانيا وجغرافيا ولما استقبلت العواصم العربية قياداتكم كمفاوضين وهم الذين كانوا يتمنون لكم الفناء والزوال, فأنتم مصدر القوة والعزة فلا تتخلوا عنها فتسلحوا بالإيمان بالله وخذوا بكل أسباب القوة وطوروا أساليبها لتتناسب كقوة تردع العدو عن الاستخفاف بدمائنا .

ثالثا/القيادة السياسية للمقاومة :

اهنئكم بالنصر وبالحنكة فى إدارة المعركة وبنجاحكم فى توحيد صفوف الفصائل المقاومة فى خندق واحد وأدعوا الله لكم بالثبات والتصر فى المعركة السياسية والدبلوماسية ولايفوتنكم أن تنوعوا خطابكم بتنوع المخاطب ولا تجملوا فى الخطاب بين الفرقاء ومن ذلك أن يكون العدو الصهيونى فى رأس حربة الخطاب ولا يجب أن يشرك معه مؤيدوه ومساعدوه فى الخطاب.
وأن نتجنب الرد على الأشخاص مهما كانت اعمالهم وعمالتهم واضحة وأى كانت تصريحاتهم سيئة بل يجب التركيز على القضية الرئيسية والدبلوماسية الكلامية التى تمنع من الوقوع فى الفخ الاعلامى والإنجرار وراء الحرب الكلامية والتجريح الشخصى الذى لايخدم القضية بل يضرها .
ثالثا : شرفاء حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية
إن تاريخم النضالى لايسمح لكم بتغيير مواقفكم والتضحية بثوابت القضية الفلسطينية فلم يعد فى العمر بقية تسمح بالبيع والشراء وإننى أدعوكم الى النظر إلى تاريخكم النضالى ومصيره وهل ستختمون حياتكم بالتفريط فى القضية للعدو , أدعوكم إلى العودة الى خطبكم التى القيتموها والكتابات التى كتبتموها لعلكم تتذكرون وتعودون الى مواقفكم السابقة

رابعا : السلطة الفلسطينية :

إن من باع قضيته لعدوه خسر شعبه ولم يأمن غدر عدوه , وأنتم لم تعتبروا من سلفكم ولا من التاريخ ولم تذاكروا الجغرافيا جيدا ودخلتم السياسة من نفق ضيق يسير من ضيق الى أضيق من أعلى إلى أسفل ينتهى إلى الهاوية ولذلك انتم فى مرحلة انتحار سياسى وضعتم انفسكم بين مطرقة العدو وسندان المقاومة , ومع هذا الوضع الصعب الذى وضعتم انفسكم فيه ومع السعى المحموم من بعض الأنظمة العربية وبعض الدول الغربية لإخراجكم من هذا النفق وانقاذكم من مهاوى الردى تبدوا هذه المهمة صعبة بل شبه مستحيلة فتدبروا امركم.

خامسا: الأنظمة العربية

لستم على استعداد لتغيير مبادئكم , ونهجكم اللادينى فى الحكم والسياسة يدفع بكم الى معاداة كل منهج اسلامى والتحالف مع أى منهج يتقاطع مع المنهج الإسلامى حتى لو كان اليهود , ويظل البقاء فى الحكم أطول فترة ممكنة , وعدم الاستعداد لخوض أى معركة من المعارك مع العدو حتى لو كانت سياسية وكلامية أو دبلوماسية فضلا عن الحرب العسكرية, هو خياركم الأول والأخير حتى لو كان الثمن الشعوب والأمة, ومع ذلك تخوضون معارك اعلامية حامية الوطيس مع كل ماهو اسلامى بمناسبة وبغير مناسبة ومعارك أمنية مع المعارضة وتحالف غريب وعجيب مع الفساد والعدو ,ولذا اقول لكم إن دوام الحال من المحال وسيذهب العدو ويذهب الفساد وسترحلون عن كراسيكم طوعا أو كرها ولكن الويل لكم من ثورة الشعوب فى الدنيا ومن عقاب الله فى الاخرة وستبقى البلاد والشعوب فمن انحاز لشعبه ربح نفسه وشعبه وأمن حكمه ومن راهن على غير ذلك كانت نهايته غير مأمونة العواقب, فراهنوا على خيارات الشعوب لتضمنوا البقاء .

سادسا / الشعوب العربية والإسلامية:

لابد من ادراك الواقع الذى تعيش فيه الأمة جيدا وقراءة الخريطة الجغرافية والسياسية ومعرفة جوانب الضعف والقوة فى هذه الأمة وأن القوة ليست عتادا وسلاحا وجيش وشرطة فقط ولكن هناك مفاهيم أخرى للقوة منها القوة السياسية والقوة الدبلوماسية والقوة الإعلامية وقوة الشعوب وهذه الأخيرة قوة رهيبة بغير سلاح تستطيع أن تهزم جيوش وتغير نظم حكم وتفرض واقعا بدون اراقة دماء هذه القوة لجأ اليها غاندى فى الهند ضد الإحتلال الانجليزى وأجبره على الرحيل , ولجأ اليها مانديلا وحرر جنوب افريقيا من البريطانيين البيض ولها صور متعددة منها المقاطعة ومنها التظاهر ومنها العصيان المدنى ووو ولكن اساس نجاح هذه القوة هو توحدها على وسيلة وهدف واحد فقوة الجماهير فى توحدها لذلك تسعى الحكومات إلى تقويض هذه الوحدة أولا بأول .
لذلك ادعو الشعوب والجماهير إلى إعادة النظر فى مظاهر قوتها واستثمارها وعدم الهزيمة نفسيا أمام الحكام وبطشهم , ولا تفقدوا الأمل فى التغيير والإصلاح نتيجة تجبر الحكام لأن التغيير مرهون بالشعوب لا بالحكومات فقط كيفية تفعيل واستثمار هذه القوة وأول خطوات الإستثمار والتفعيل هو الوعى السياسى للشعوب والإيجابية التى تدفع الجميع للتحرك والرغبة فى التغيير.
قضية غزة هى قلب قضية فلسطين وهى قضية المسلمين وليس قضية أهل غزة كما أن فلسطين هى قلب الأمن القومى للعرب والدفاع عن فلسطين دفاع عن الأمة بأسرها وخبراء الأمن القومى والعسكريون يدركون ذلك جيدا بعضهم تكلم عن ذلك والبعض الآخر سيتكلم بعد فوات الأوان , فلتقل الشعوب كلمتها قبل فوات الأوان. د/ انور حامد

بوركت ياشعب الصمود


القضية الفلسطينية -الفلسطينين- السلطة الفلسطينية- فتح – الجهاد- حماس –الأقصى – المقاومة – مفاوضات السلام – أوسلو و.ووو..., أسماء ومسميات وبعضها بغير مسميات كلهم يدعى وصلا بليلى ..... , كلهم يرفع راية النضال بعضهم يناضل من ساحات الحمم والقتال وبعضهم من داخل الغرف المكيفة بل وبعضهم من داخل فنادق تل أبيب والجميع يطل علينا عبر شاشات التلفاز أو عبر صفحات الجرائد ليعلن للشعب الفلسطينى والعالم الإسلامى والعربى عن الجهود المضنية التى بذلها والآمال التى ستتحقق لهذا الشعب بعد أن أقسم لهم الصهاينة بأغلظ الأيمان أنهم هذه المرة وغير كل مرة عازمون على منح الفلسطينيين دولة داخل الدولة ولكن الحذر كل الحذر من المتهورين والمقاومين من حماس وأمثالها الذين سيضيعون هذه الفرصة بحماقاتهم وصواريخهم الفشنك التى لاتفعل شىء غير أنها تجلب الحصار والدمار للشعب المسكين , والمفاوض المجاهد خرج لتوه من الغرفة المكيفة يمسح عرقه وبدا عليه التعب ولا يصح أبدا أن يضيع هذا الجهد تحت عبث المقاومين .!! أنتهيت لتوى من متابعة النشرات والتحليلات الإخبارية فى كل محطات التلفاز العربية وكلها يعزف لحنا واحد هو أنه على حماس أن ترفع الحصار عن الشعب الفلسطينى !! وتعود إلى رشدها!!!, بل ذهب بعضهم إلى إتهامها بالعمالة للصهاينة....!!! أجهدت التحليلات والأخبار ذاكرتى , فأسندت ظهرى وشرد ذهنى ليستعيد شريط الذكريات منذ عقود من الزمن وهذا الشعب يذبح أبناؤه ويقتل شبابه وتعتقل نساؤه وتهدم دياره وتجرف أراضيه والدم يسيل والجرح نازف والمفاوضات كما هى يذهب وفد ويأتى آخر ونفس التصريحات وإن تغيرت الوجوه ونفس التحليلات والتبريرات وإن تغيرت العناوين والمانشتات !! والعالم يدعم القاتل ويدين المقتول لأنه استفز القاتل و العالم العربى والإسلامى يحبس أنفاسه مخافة أن يدان وإن تكلم فهو يصرخ فى فى وجه الشعب المكلوم " أضعتم فرصة السلام!!!!" أى سلام هذا لاأدرى!!! ولأول مرة فى التاريخ ترى مفاوضا يمنح عدوه أرضه وبلده من أجل أن يتركه يعيش فى سلام أى مفاوض هذا ؟!؟! لا أدرى !! وانتبهت على رسالة من الجزيرة موبايل عن غارة صهيونية جديدة وقتلى وجرحى بينهم أطفال ونساء فتحولت على الفور إلى تلفزيون فلسطين أستطلع الخبر فإذا بالمتحدث يلقى باللائمة على الصواريخ العبثية ومن أطلقوها ويطلب من العدو ضبط النفس , وكأنه يلوم المقتول ويعتذر للقاتل ويطلب منه أن يكتفى بما قتل , فإذا انتقلت إلى الإعلام العربى وجدته يشير إشارات مقتضبه إلى حجم الدمار والخراب الذى أصاب الشعب الفلسطينى دون أدنى لوم للجانى فى إشارة لاتخلوا من الخبث الإعلامى بالعزف على آلام وجراح الشعب المكلوم واللعب بعواطفه الذاتية بعيدا عن القضية الرئيسية قضية الإحتلال للأرض والإنتماء للوطن والعقيدة .
كل هذا والشعب صامد يضمد الجراح ويودع الشهداء فى أعراس جماعية تحمل معنى الإباء والصمود الذى أقض مضاجع الأعداء.
د/أنور حامد

( إنا لننصر رسلنا واللذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهد)

بقلم : الشهيد سيد قطب
إن وعد الله قاطع جازم : إن وعد الله قاطع جازم : { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا . . } . . بينما يشاهد الناس أن الرسل منهم من يقتل ومنهم من يهاجر من أرضه وقومه مكذباً مطروداً ، وأن المؤمنين فيهم من يسام العذاب ، وفيهم من يلقى في الأخدود ، وفيهم من يستشهد ، وفيهم من يعيش في كرب وشدة واضطهاد . . فأين وعد الله لهم بالنصر في الحياة الدنيا؟ ويدخل الشيطان إلى النفوس من هذا المدخل ، ويفعل بها الأفاعيل! ولكن الناس يقيسون بظواهر الأمور . ويغفلون عن قيم كثيرة وحقائق كثيرة في التقدير. إن الناس يقيسون بفترة قصيرة من الزمان ، وحيز محدود من المكان . وهي مقاييس بشرية صغيرة . فأما المقياس الشامل فيعرض القضية في الرقعة الفسيحة من الزمان والمكان ، ولا يضع الحدود بين عصر وعصر ولا بين مكان ومكان . ولو نظرنا إلى قضية الاعتقاد والإيمان في هذا المجال لرأيناها تنتصر من غير شك . وانتصار قضية الاعتقاد هو انتصار أصحابها . فليس لأصحاب هذه القضية وجود ذاتي خارج وجودها . وأول ما يطلبه منهم الإيمان أن يفنوا فيها ويختفوا هم ويبرزوها! والناس كذلك يقصرون معنى النصر على صور معينة معهودة لهم ، قريبة الرؤية لأعينهم . ولكن صور النصر شتى. وقد يتلبس بعضها بصور الهزيمة عند النظرة القصيرة . . إبراهيم عليه السلام وهو يلقى في النار فلا يرجع عن عقيدته ولا عن الدعوة إليها . . أكان في موقف نصر أم في موقف هزيمة؟ ما من شك في منطق العقيدة أنه كان في قمة النصر وهو يلقى في النار . كما أنه انتصر مرة أخرى وهو ينجو من النار . هذه صورة وتلك صورة . وهما في الظاهر بعيد من بعيد . فأما في الحقيقة فهما قريب من قريب! . . والحسين رضوان الله عليه وهو يستشهد في تلك الصورة العظيمة من جانب ، المفجعة من جانب؟ أكانت هذه نصراً أم هزيمة؟ في الصورة الظاهرة وبالمقياس الصغير كانت هزيمة . فأما في الحقيقة الخالصة وبالمقياس الكبير فقد كانت نصراً . فما من شهيد في الأرض تهتز له الجوانح بالحب والعطف ، وتهفو له القلوب وتجيش بالغيرة والفداء كالحسين رضوان الله عليه . يستوي في هذا المتشيعون وغير المتشيعين . من المسلمين . وكثير من غير المسلمين! وكم من شهيد ما كان يملك أن ينصر عقيدته ودعوته ولو عاش ألف عام ، كما نصرها باستشهاده . وما كان يملك أن يودع القلوب من المعاني الكبيرة ، ويحفز الألوف إلى الأعمال الكبيرة ، بخطبة مثل خطبته الأخيرة التي يكتبها بدمه ، فتبقى حافزاً محركاً للأبناء والأحفاد . وربما كانت حافزاً محركاً لخطى التاريخ كله مدى أجيال . . ما النصر؟ .... وما الهزيمة؟ إننا في حاجة إلى أن نراجع ما استقر في تقديرنا من الصور . ومن القيم . قبل أن نسأل : أين وعد الله لرسله وللمؤمنين بالنصر في الحياة الدنيا! على أن هناك حالات كثيرة يتم فيها النصر في صورته الظاهرة القريبة . ذلك حين تتصل هذه الصورة الظاهرة القريبة بصورة باقية ثابتة . لقد انتصر محمد صلى الله عليه وسلم في حياته . لأن هذا النصر يرتبط بمعنى إقامة هذه العقيدة بحقيقتها الكاملة في الأرض . فهذه العقيدة لا يتم تمامها إلا بأن تهيمن على حياة الجماعة البشرية وتصرفها جميعاً . من القلب المفرد إلى الدولة الحاكمة . فشاء الله أن ينتصر صاحب هذه العقيدة في حياته ، ليحقق هذه العقيدة في صورتها الكاملة ، ويترك هذه الحقيقة مقررة في واقعة تاريخية محددة مشهودة . ومن ثم اتصلت صورة النصر القريبة بصورة أخرى بعيدة ، واتحدت الصورة الظاهرة مع الصورة الحقيقية . وفق تقدير الله وترتيبه. وهنالك اعتبار آخر تحسن مراعاته كذلك . إن وعد الله قائم لرسله وللذين آمنوا . ولا بد أن توجد حقيقة الإيمان في القلوب التي ينطبق هذا الوعد عليها . وحقيقة الإيمان كثيراً ما يتجوز الناس فيها . وهي لا توجد إلا حين يخلو القلب من الشرك في كل صوره وأشكاله . وإن هنالك لأشكالاً من الشرك خفية؛ لا يخلص منها القلب إلا حين يتجه لله وحده ، ويتوكل عليه وحده ، ويطمئن إلى قضاء الله فيه ، وقدره عليه ، ويحس أن الله وحده هو الذي يصرفه فلا خيرة له إلا ما اختار الله. ويتلقى هذا بالطمأنينة والثقة والرضى والقبول. وحين يصل إلى هذه الدرجة فلن يقدم بين يدي الله ولن يقترح عليه صورة معينة من صور النصر أو صور الخير .فسيكل هذا كله لله. ويلتزم ويتلقى كل ما يصيبه على أنه خير .. وذلك من معاني النصر .. النصر على الذات والشهوات .. وهو النصر الذي لا يتم نصر خارجي بدونه بحال من الأحوال. ﴿﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ﴾﴾ [غافر:51] أقول هذا لمن يفهم حقا معاني النصر الحقيقية ، أما من في قلبه شيء من الريب والشك ، ويسأل عن أسباب تأخر النصر عن الجماعة المؤمنة فأذكر له بعض أسباب تأخر النصر الظاهر القريب ... قد يبطئ النصر لأن بنية الأمة المؤمنة لم تنضج بعد نضجها ، ولم يتم بعد تمامها ، ولم تحشد بعد طاقاتها ، ولم تتحفز كل خلية وتتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها من قوى واستعدادات . فلو نالت النصر حينئذ لفقدته وشيكاً لعدم قدرتها على حمايته طويلاً! و قد يبطئ النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة ، وآخر ما تملكه من رصيد ، فلا تستبقي عزيزاً ولا غالياً ، لا تبذله هيناً رخيصاً في سبيل الله. و قد يبطئ النصر حتى تجرب الأمة المؤمنة آخر قواها ، فتدرك أن هذه القوى وحدها بدون سند من الله لا تكفل النصر . إنما يتنزل النصر من عند الله عندما تبذل آخر ما في طوقها ثم تكل الأمر بعدها إلى الله. و قد يبطئ النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله ، وهي تعاني وتتألم وتبذل؛ ولا تجد لها سنداً إلا الله ، ولا متوجهاً إلا إليه وحده في الضراء . وهذه الصلة هي الضمانة الأولى لاستقامتها على النهج بعد النصر عندما يتأذن به الله. فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذي نصرها به الله. و قد يبطئ النصر لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوته فهي تقاتل لمغنم تحققه ، أو تقاتل حمية لذاتها ، أو تقاتل شجاعة أمام أعدائها . والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي سبيله ، بريئاً من المشاعر الأخرى التي تلابسه. وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يقاتل حمية والرجل يقاتل شجاعة والرجل يقاتل ليرى . فأيها في سبيل الله . فقال : « من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ». قد يبطئ النصر لأن في الشر الذي تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير ، يريد الله أن يجرد الشر منها ليتمحض خالصاً ، ويذهب وحده هالكاً ، لا تتلبس به ذرة من خير تذهب في الغمار! و قد يبطئ النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً . فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصاراً من المخدوعين فيه ، لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله؛ فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة . فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف عارياً للناس ، ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية! و قد يبطئ النصر لأن البيئة لا تصلح بعدُ لاستقبال الحق والخير والعدل الذي تمثله الأمة المؤمنة . فلو انتصرت حينئذ للقيت معارضة من البيئة لا يستقر لها معها قرار . فيظل الصراع قائماً حتى تتهيأ النفوس من حوله لاستقبال الحق الظافر ، ولاستبقائه! من أجل هذا كله ، ومن أجل غيره مما يعلمه الله ، قد يبطئ النصر ، فتتضاعف التضحيات ، وتتضاعف الآلام . مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية. يا أهل الجهاد والرباط في "غزة" الأبية إنكم بايعتم الله على الثبات على الدعوة والجهاد وعدم التراجع فلا تيأسوا من روح الله ، وإن اليأس من النصر قد صيب حتى أولي العزائم الكبيرة والهمم السامقة ، فقد بلغ اليأس قلوب أعظم الدعاة والمجاهدين ألا وهم بعض الأنبياء عليهم صلوات ربي وسلامه { حتى إذا استيأس الرسل ، وظنوا أنهم قد كذبوا ، جاءهم نصرنا ، فنجي من نشاء ، ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين } . . إنها صورة رهيبة ، ترسم مبلغ الشدة والكرب والضيق في حياة الرسل ، وهم يواجهون الكفر والعمى والإصرار والجحود . وتمر الأيام وهم يجاهدون ولكن يـتأخر النصر عنهم ، وتكر الأعوام والباطل في قوته ، وكثرة أهله ، والمؤمنون في عدتهم القليلة وقوتهم الضئيلة. إنها ساعات حرجة ، والباطل ينتفش ويطغى ويبطش ويغدر . والرسل ينتظرون الوعد فلا يتحقق لهم في هذه الأرض . فتهجس في خواطرهم الهواجس . . تراهم كُذِبوا؟ ترى نفوسهم كذبتهم في رجاء النصر في هذه الحياة الدنيا؟ وما يقف الرسول هذا الموقف إلا وقد بلغ الكرب والحرج والضيق فوق ما يطيقه بشر . وما قرأت هذه الآية والآية الأخرى : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه : متى نصر الله . . . ؟ } ما قرأت هذه الآية أو تلك إلا وشعرت بقشعريرة من تصور الهول الذي يبلغ بالرسول هذا المبلغ ، ومن تصور الهول الكامن في هذه الهواجس ، والكرب المزلزل الذي يرج نفس الرسول هذه الرجة ، وحالته النفسية في مثل هذه اللحظات، وما يحس به من ألم لا يطاق. في هذه اللحظة التي يستحكم فيها الكرب ، ويأخذ فيها الضيق بمخانق الرسل ، ولا تبقى ذرة من الطاقة المدخرة . . في هذه اللحظة يجيء النصر كاملاً حاسماً فاصلاً: { جاءهم نصرنا ، فنجي من نشاء ، ولا يردُّ بأسنا عن القوم المجرمين } . . تلك سنة الله في الدعوات . لا بد من الشدائد ، ولا بد من الكروب ، حتى لا تبقى بقية من جهد ولا بقية من طاقة . ثم يجيء النصر بعد اليأس من كل أسبابه الظاهرة التي يتعلق بها الناس . يجيء النصر من عند الله ، فينجو الذين يستحقون النجاة ، ينجون من الهلاك الذي يأخذ المكذبين ، وينجون من البطش والعسف الذي يسلطه عليهم المتجبرون . ويحل بأس الله بالمجرمين ، مدمراً ماحقاً لا يقفون له ، ولا يصده عنهم ولي ولا نصير. ذلك كي لا يكون النصر رخيصاً فتكون الدعوات هزلاً . فلو كان النصر رخيصاً لقام في كل يوم دعيٌّ بدعوة لا تكلفه شيئاً . أو تكلفه القليل . ودعوات الحق لا يجوز أن تكون عبثاً ولا لعباً . فإنما هي قواعد للحياة البشرية ومناهج ، ينبغي صيانتها وحراستها من الأدعياء. والأدعياء لا يحتملون تكاليف الدعوة ، لذلك يشفقون أن يدَّعوها ، فإذا ادَّعوها عجزوا عن حملها وطرحوها ، وتبين الحق من الباطل على محك الشدائد التي لا يصمد لها إلا الواثقون الصادقون؛ الذين لا يتخلون عن دعوة الله ، ولو ظنوا أن النصر لا يجيئهم في هذه الحياة! إن الدعوة إلى الله ليست تجارة قصيرة الأجل؛ إما أن تربح ربحاً معيناً محدداً في هذه الأرض ، وإما أن يتخلى عنها أصحابها إلى تجارة أخرى أقرب ربحاً وأيسر حصيلة! والذي ينهض بالدعوة إلى الله في المجتمعات الجاهلية يجب أن يوطن نفسه على أنه لا يقوم برحلة مريحة ، ولا يقوم بتجارة مادية قريبة الأجل! إنما ينبغي له أن يستيقن أنه يواجه طواغيت يملكون القوة والمال ويملكون استخفاف الجماهير حتى ترى الأسود أبيض والأبيض أسود! ويملكون تأليب هذه الجماهير ذاتها على أصحاب الدعوة إلى الله ، باستثارة شهواتها وتهديدها بأن أصحاب الدعوة إلى الله يريدون حرمانها من هذه الشهوات! . . ويجب أن يستيقنوا أن الدعوة إلى الله كثيرة التكاليف ، وأن الانضمام إليها في وجه المقاومة الجاهلية كثيرة التكاليف أيضاً . وأنه من ثم لا تنضم إليها في أول الأمر الجماهير المستضعفة ، إنما تنضم إليها الصفوة المختارة في الجيل كله ، التي تؤثر حقيقة هذا الدين على الراحة والسلامة ، وعلى كل متاع هذه الحياة الدنيا . وأن عدد هذه الصفوة يكون دائماً قليلاً جداً . ولكن الله يفتح بينهم وبين قومهم بالحق ، بعد جهاد يطول أو يقصر . وعندئذ فقط تدخل الجماهير في دين الله أفواجاً. أخيرا هذه كلمتي الأخيرة إلى أهلي في "غزة" العز والنصر والإباء اعلموا أن عوامل النصر الحقيقية : الثبات عند لقاء العدو . والاتصال بالله بالذكر . والطاعة لله والرسول . وتجنب النزاع والشقاق . والصبر على تكاليف المعركة . والحذر من البطر والرئاء والبغي. . فأما الثبات فهو بدء الطريق إلى النصر . فأثبت الفريقين أغلبهما . وما يُدري الذين آمنوا أن عدوهم يعاني أشد مما يعانون؛ وأنه يألم كما يألمون ، ولكنه لا يرجو من الله ما يرجون؛ فلا مدد له من رجاء في الله يثبت أقدامه وقلبه! وأنهم لو ثبتوا لحظة أخرى فسينخذل عدوهم وينهار؛ وما الذي يزلزل أقدام الذين آمنوا وهم واثقون من إحدى الحسنيين : الشهادة أو النصر؟ بينما عدوهم لا يريد إلا الحياة الدنيا؛ وهو حريص على هذه الحياة التي لا أمل له وراءها ولا حياة له بعدها ، ولا حياة له سواها؟! وأما ذكر الله كثيراً عند لقاء الأعداء فهو التوجيه الدائم للمؤمن؛ كما أنه التعليم المطرد الذي استقر في قلوب العصبة المؤمنة ، وحكاه عنها القرآن الكريم في تاريخ الأمة المسلمة في موكب الإيمان التاريخي.. . بينما يشاهد الناس أن الرسل منهم من يقتل ومنهم من يهاجر من أرضه وقومه مكذباً مطروداً ، وأن المؤمنين فيهم من يسام العذاب ، وفيهم من يلقى في الأخدود ، وفيهم من يستشهد ، وفيهم من يعيش في كرب وشدة واضطهاد . . فأين وعد الله لهم بالنصر في الحياة الدنيا؟ ويدخل الشيطان إلى النفوس من هذا المدخل ، ويفعل بها الأفاعيل! ولكن الناس يقيسون بظواهر الأمور . ويغفلون عن قيم كثيرة وحقائق كثيرة في التقدير. إن الناس يقيسون بفترة قصيرة من الزمان ، وحيز محدود من المكان . وهي مقاييس بشرية صغيرة . فأما المقياس الشامل فيعرض القضية في الرقعة الفسيحة من الزمان والمكان ، ولا يضع الحدود بين عصر وعصر ولا بين مكان ومكان . ولو نظرنا إلى قضية الاعتقاد والإيمان في هذا المجال لرأيناها تنتصر من غير شك . وانتصار قضية الاعتقاد هو انتصار أصحابها . فليس لأصحاب هذه القضية وجود ذاتي خارج وجودها . وأول ما يطلبه منهم الإيمان أن يفنوا فيها ويختفوا هم ويبرزوها! والناس كذلك يقصرون معنى النصر على صور معينة معهودة لهم ، قريبة الرؤية لأعينهم . ولكن صور النصر شتى. وقد يتلبس بعضها بصور الهزيمة عند النظرة القصيرة . . إبراهيم عليه السلام وهو يلقى في النار فلا يرجع عن عقيدته ولا عن الدعوة إليها . . أكان في موقف نصر أم في موقف هزيمة؟ ما من شك في منطق العقيدة أنه كان في قمة النصر وهو يلقى في النار . كما أنه انتصر مرة أخرى وهو ينجو من النار . هذه صورة وتلك صورة . وهما في الظاهر بعيد من بعيد . فأما في الحقيقة فهما قريب من قريب! . . والحسين رضوان الله عليه وهو يستشهد في تلك الصورة العظيمة من جانب ، المفجعة من جانب؟ أكانت هذه نصراً أم هزيمة؟ في الصورة الظاهرة وبالمقياس الصغير كانت هزيمة . فأما في الحقيقة الخالصة وبالمقياس الكبير فقد كانت نصراً . فما من شهيد في الأرض تهتز له الجوانح بالحب والعطف ، وتهفو له القلوب وتجيش بالغيرة والفداء كالحسين رضوان الله عليه . يستوي في هذا المتشيعون وغير المتشيعين . من المسلمين . وكثير من غير المسلمين! وكم من شهيد ما كان يملك أن ينصر عقيدته ودعوته ولو عاش ألف عام ، كما نصرها باستشهاده . وما كان يملك أن يودع القلوب من المعاني الكبيرة ، ويحفز الألوف إلى الأعمال الكبيرة ، بخطبة مثل خطبته الأخيرة التي يكتبها بدمه ، فتبقى حافزاً محركاً للأبناء والأحفاد . وربما كانت حافزاً محركاً لخطى التاريخ كله مدى أجيال . . ما النصر؟ .... وما الهزيمة؟ إننا في حاجة إلى أن نراجع ما استقر في تقديرنا من الصور . ومن القيم . قبل أن نسأل : أين وعد الله لرسله وللمؤمنين بالنصر في الحياة الدنيا! على أن هناك حالات كثيرة يتم فيها النصر في صورته الظاهرة القريبة . ذلك حين تتصل هذه الصورة الظاهرة القريبة بصورة باقية ثابتة . لقد انتصر محمد صلى الله عليه وسلم في حياته . لأن هذا النصر يرتبط بمعنى إقامة هذه العقيدة بحقيقتها الكاملة في الأرض . فهذه العقيدة لا يتم تمامها إلا بأن تهيمن على حياة الجماعة البشرية وتصرفها جميعاً . من القلب المفرد إلى الدولة الحاكمة . فشاء الله أن ينتصر صاحب هذه العقيدة في حياته ، ليحقق هذه العقيدة في صورتها الكاملة ، ويترك هذه الحقيقة مقررة في واقعة تاريخية محددة مشهودة . ومن ثم اتصلت صورة النصر القريبة بصورة أخرى بعيدة ، واتحدت الصورة الظاهرة مع الصورة الحقيقية . وفق تقدير الله وترتيبه. وهنالك اعتبار آخر تحسن مراعاته كذلك . إن وعد الله قائم لرسله وللذين آمنوا . ولا بد أن توجد حقيقة الإيمان في القلوب التي ينطبق هذا الوعد عليها . وحقيقة الإيمان كثيراً ما يتجوز الناس فيها . وهي لا توجد إلا حين يخلو القلب من الشرك في كل صوره وأشكاله . وإن هنالك لأشكالاً من الشرك خفية؛ لا يخلص منها القلب إلا حين يتجه لله وحده ، ويتوكل عليه وحده ، ويطمئن إلى قضاء الله فيه ، وقدره عليه ، ويحس أن الله وحده هو الذي يصرفه فلا خيرة له إلا ما اختار الله. ويتلقى هذا بالطمأنينة والثقة والرضى والقبول. وحين يصل إلى هذه الدرجة فلن يقدم بين يدي الله ولن يقترح عليه صورة معينة من صور النصر أو صور الخير .فسيكل هذا كله لله. ويلتزم ويتلقى كل ما يصيبه على أنه خير .. وذلك من معاني النصر .. النصر على الذات والشهوات .. وهو النصر الذي لا يتم نصر خارجي بدونه بحال من الأحوال. ﴿﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ﴾ [غافر:51] أقول هذا لمن يفهم حقا معاني النصر الحقيقية ، أما من في قلبه شيء من الريب والشك ، ويسأل عن أسباب تأخر النصر عن الجماعة المؤمنة فأذكر له بعض أسباب تأخر النصر الظاهر القريب ...
قد يبطئ النصر
لأن بنية الأمة المؤمنة لم تنضج بعد نضجها ، ولم يتم بعد تمامها ، ولم تحشد بعد طاقاتها ، ولم تتحفز كل خلية وتتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها من قوى واستعدادات . فلو نالت النصر حينئذ لفقدته وشيكاً لعدم قدرتها على حمايته طويلاً! و قد يبطئ النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة ، وآخر ما تملكه من رصيد ، فلا تستبقي عزيزاً ولا غالياً ، لا تبذله هيناً رخيصاً في سبيل الله. و قد يبطئ النصر حتى تجرب الأمة المؤمنة آخر قواها ، فتدرك أن هذه القوى وحدها بدون سند من الله لا تكفل النصر . إنما يتنزل النصر من عند الله عندما تبذل آخر ما في طوقها ثم تكل الأمر بعدها إلى الله. و قد يبطئ النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله ، وهي تعاني وتتألم وتبذل؛ ولا تجد لها سنداً إلا الله ، ولا متوجهاً إلا إليه وحده في الضراء . وهذه الصلة هي الضمانة الأولى لاستقامتها على النهج بعد النصر عندما يتأذن به الله. فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذي نصرها به الله. و قد يبطئ النصر لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوته فهي تقاتل لمغنم تحققه ، أو تقاتل حمية لذاتها ، أو تقاتل شجاعة أمام أعدائها . والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي سبيله ، بريئاً من المشاعر الأخرى التي تلابسه. وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يقاتل حمية والرجل يقاتل شجاعة والرجل يقاتل ليرى . فأيها في سبيل الله . فقال : « من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ». قد يبطئ النصر لأن في الشر الذي تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير ، يريد الله أن يجرد الشر منها ليتمحض خالصاً ، ويذهب وحده هالكاً ، لا تتلبس به ذرة من خير تذهب في الغمار! و قد يبطئ النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً . فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصاراً من المخدوعين فيه ، لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله؛ فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة . فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف عارياً للناس ، ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية! و قد يبطئ النصر لأن البيئة لا تصلح بعدُ لاستقبال الحق والخير والعدل الذي تمثله الأمة المؤمنة . فلو انتصرت حينئذ للقيت معارضة من البيئة لا يستقر لها معها قرار . فيظل الصراع قائماً حتى تتهيأ النفوس من حوله لاستقبال الحق الظافر ، ولاستبقائه! من أجل هذا كله ، ومن أجل غيره مما يعلمه الله ، قد يبطئ النصر ، فتتضاعف التضحيات ، وتتضاعف الآلام . مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية. يا أهل الجهاد والرباط في "غزة" الأبية إنكم بايعتم الله على الثبات على الدعوة والجهاد وعدم التراجع فلا تيأسوا من روح الله ، وإن اليأس من النصر قد يصيب حتى أولي العزائم الكبيرة والهمم السامقة ، فقد بلغ اليأس قلوب أعظم الدعاة والمجاهدين ألا وهم بعض الأنبياء عليهم صلوات ربي وسلامه { حتى إذا استيأس الرسل ، وظنوا أنهم قد كذبوا ، جاءهم نصرنا ، فنجي من نشاء ، ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين } . . إنها صورة رهيبة ، ترسم مبلغ الشدة والكرب والضيق في حياة الرسل ، وهم يواجهون الكفر والعمى والإصرار والجحود . وتمر الأيام وهم يجاهدون ولكن يـتأخر النصر عنهم ، وتكر الأعوام والباطل في قوته ، وكثرة أهله ، والمؤمنون في عدتهم القليلة وقوتهم الضئيلة. إنها ساعات حرجة ، والباطل ينتفش ويطغى ويبطش ويغدر . والرسل ينتظرون الوعد فلا يتحقق لهم في هذه الأرض . فتهجس في خواطرهم الهواجس . . تراهم كُذِبوا؟ ترى نفوسهم كذبتهم في رجاء النصر في هذه الحياة الدنيا؟ وما يقف الرسول هذا الموقف إلا وقد بلغ الكرب والحرج والضيق فوق ما يطيقه بشر . وما قرأت هذه الآية والآية الأخرى : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه : متى نصر الله . . . ؟ } ما قرأت هذه الآية أو تلك إلا وشعرت بقشعريرة من تصور الهول الذي يبلغ بالرسول هذا المبلغ ، ومن تصور الهول الكامن في هذه الهواجس ، والكرب المزلزل الذي يرج نفس الرسول هذه الرجة ، وحالته النفسية في مثل هذه اللحظات، وما يحس به من ألم لا يطاق. في هذه اللحظة التي يستحكم فيها الكرب ، ويأخذ فيها الضيق بمخانق الرسل ، ولا تبقى ذرة من الطاقة المدخرة . . في هذه اللحظة يجيء النصر كاملاً حاسماً فاصلاً: { جاءهم نصرنا ، فنجي من نشاء ، ولا يردُّ بأسنا عن القوم المجرمين } . . تلك سنة الله في الدعوات . لا بد من الشدائد ، ولا بد من الكروب ، حتى لا تبقى بقية من جهد ولا بقية من طاقة . ثم يجيء النصر بعد اليأس من كل أسبابه الظاهرة التي يتعلق بها الناس . يجيء النصر من عند الله ، فينجو الذين يستحقون النجاة ، ينجون من الهلاك الذي يأخذ المكذبين ، وينجون من البطش والعسف الذي يسلطه عليهم المتجبرون . ويحل بأس الله بالمجرمين ، مدمراً ماحقاً لا يقفون له ، ولا يصده عنهم ولي ولا نصير. ذلك كي لا يكون النصر رخيصاً فتكون الدعوات هزلاً . فلو كان النصر رخيصاً لقام في كل يوم دعيٌّ بدعوة لا تكلفه شيئاً . أو تكلفه القليل . ودعوات الحق لا يجوز أن تكون عبثاً ولا لعباً . فإنما هي قواعد للحياة البشرية ومناهج ، ينبغي صيانتها وحراستها من الأدعياء. والأدعياء لا يحتملون تكاليف الدعوة ، لذلك يشفقون أن يدَّعوها ، فإذا ادَّعوها عجزوا عن حملها وطرحوها ، وتبين الحق من الباطل على محك الشدائد التي لا يصمد لها إلا الواثقون الصادقون؛ الذين لا يتخلون عن دعوة الله ، ولو ظنوا أن النصر لا يجيئهم في هذه الحياة! إن الدعوة إلى الله ليست تجارة قصيرة الأجل؛ إما أن تربح ربحاً معيناً محدداً في هذه الأرض ، وإما أن يتخلى عنها أصحابها إلى تجارة أخرى أقرب ربحاً وأيسر حصيلة! والذي ينهض بالدعوة إلى الله في المجتمعات الجاهلية يجب أن يوطن نفسه على أنه لا يقوم برحلة مريحة ، ولا يقوم بتجارة مادية قريبة الأجل! إنما ينبغي له أن يستيقن أنه يواجه طواغيت يملكون القوة والمال ويملكون استخفاف الجماهير حتى ترى الأسود أبيض والأبيض أسود! ويملكون تأليب هذه الجماهير ذاتها على أصحاب الدعوة إلى الله ، باستثارة شهواتها وتهديدها بأن أصحاب الدعوة إلى الله يريدون حرمانها من هذه الشهوات! . . ويجب أن يستيقنوا أن الدعوة إلى الله كثيرة التكاليف ، وأن الانضمام إليها في وجه المقاومة الجاهلية كثيرة التكاليف أيضاً . وأنه من ثم لا تنضم إليها في أول الأمر الجماهير المستضعفة ، إنما تنضم إليها الصفوة المختارة في الجيل كله ، التي تؤثر حقيقة هذا الدين على الراحة والسلامة ، وعلى كل متاع هذه الحياة الدنيا . وأن عدد هذه الصفوة يكون دائماً قليلاً جداً . ولكن الله يفتح بينهم وبين قومهم بالحق ، بعد جهاد يطول أو يقصر . وعندئذ فقط تدخل الجماهير في دين الله أفواجاً. أخيرا هذه كلمتي الأخيرة إلى أهلي في "غزة" العز والنصر والإباء اعلموا أن عوامل النصر الحقيقية : الثبات عند لقاء العدو . والاتصال بالله بالذكر . والطاعة لله والرسول . وتجنب النزاع والشقاق . والصبر على تكاليف المعركة . والحذر من البطر والرئاء والبغي. . فأما الثبات فهو بدء الطريق إلى النصر . فأثبت الفريقين أغلبهما . وما يُدري الذين آمنوا أن عدوهم يعاني أشد مما يعانون؛ وأنه يألم كما يألمون ، ولكنه لا يرجو من الله ما يرجون؛ فلا مدد له من رجاء في الله يثبت أقدامه وقلبه! وأنهم لو ثبتوا لحظة أخرى فسينخذل عدوهم وينهار؛ وما الذي يزلزل أقدام الذين آمنوا وهم واثقون من إحدى الحسنيين : الشهادة أو النصر؟ بينما عدوهم لا يريد إلا الحياة الدنيا؛ وهو حريص على هذه الحياة التي لا أمل له وراءها ولا حياة له بعدها ، ولا حياة له سواها؟! وأما ذكر الله كثيراً عند لقاء الأعداء فهو التوجيه الدائم للمؤمن؛ كما أنه التعليم المطرد الذي استقر في قلوب العصبة المؤمنة ، وحكاه عنها القرآن الكريم في تاريخ الأمة المسلمة في موكب الإيمان التاريخي.