لقد كانت الحرب على غزة كاشفة لكل المواقف وليس عجبا أن يطلق عليها أهل الرباط فى غزة معركة الفرقان لأنها كانت فارقة فى كل شىء وفرقت بين مرحلتين متباينتين , وبعثت هذه الحرب برسائل إلى الجميع واتضحت المواقف ولابد للجميع أن يعيد حساباته وفق هذه المواقف الجديدة .
أولا : أهل الرباط فى غزة وفلسطين:
تحية إكبار وإعزاز لكم لثباتكم وصمودكم وفهمكم لقضيتكم وطبيعة المعركة مع العدو فلم تتنكبوا الطريق ولم تنشغلوا بشىء غير العدو وأذكركم :
أنكم أهل الرباط والطائفة المنصورة وأنكم قاهرين لعدوكم ولن يتمكن منكم العدو إلا بما يصيبكم من لأواء :عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين , لعدوهم قاهرين , لايضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك , قالوا وأين هم ؟ قال : ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ) أخرجه عبدالله بن الإمام أحمد والطبراني في الكبير.
أن أرض فلسطين هى أرض المحشر والمنشر ،كما روی عن الرسول صلى الله عليه وسلم الحديث الشريف : ( يا رسول الله أفتنا فی بيت المقدس ؟ قال : أرض المحشر والمنشر. ائتوه فصلوا فيه, فإن صلاة فيه كألف صلاة فی غيره قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه ؟ قال: فتهدی له زيتا يسرج فيه, فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه ) ( الراوی: ميمونة بنت سعد مولاة النبی : حديث صحيح ).
أن المعركة لم تنتهى لأن الحبيب المصطفى قال " حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك" ولكن العبرة بالنهاية فأنتم المنتصرون فاثبتوا على ذلك ومعركة الحياة والبناء والإعمار أصعب من المعركة العسكرية .
أن الحرب رغم آلامها وجراحها إلا أن لله أمور يبديها ولايبتديها ولكن لله فيها ترتيب آخر لايعلمه كثير من الناس فلقد أعادت الحرب القضية الفلسطينية إلى الوجود مرة أخرى بعد أن كانت تراوح بين الموت والموات , وكسبت القضية تعاطفا دوليا من الشعوب قبل الحكومات .
لاتعولوا على الحكام العرب ولاتربطوا قضيتكم بهم فإنهم لايملكون من أمرهم شيئا ومصيرهم إلى الزوال ولكن راهنوا على الشعوب وهى مازالت حية تنبض بالحراك وهذا هو المكسب الحقيقى من مكاسب الحرب.
لاتنزعجوا من السلطة الفلسطينية وتصرفاتها فهى مقهورة على أمرها وسارت فى طريق التنازلات لمرحلة لاتملك فيها التراجع ( فقد اعترفت بالعدو وألغت خيار المقاومة ووقعت على محاربته ووافقت على خيار تسوية القضية بالشروط الصهيونية ) وبالتالى لو فكرت فى تغيير موقفها فسيكون مصيرها أشد قسوة من مصير الراحل ياسر عرفات , وهم بالتالى يدركون بأنهم أمام خيارين لاثالث لهما خيار الموت بأى وسيلة والحصار والإعتقال والإعدام كمصير صدام أو الخيار الآخر وهو تنفيذ الإملاءات الصهيونية .
ثانيا :حركات المقاومة فى غزة :
وعلى رأسهم حركة حماس أحييهم وأشد على أيديهم وأقول لهم أعلم جيدا أن ميدان القول غير ميدان العمل أو كما يقول المثل العامى ( اللى ايده ف المية غير اللى ايده ف النار )
وأعلم أن الوضع صعب بل فى غاية الصعوبة ولكن أعلم وأنا على يقين أنكم أهل لذلك وأنكم كما دحرتم العدو فانتم قادرون على تحدى الصعاب وبعد النصر تأتى مرحلة جنى الثمار وهذه المرحلة تدور معها رحى المعركة السياسية التى لاتقل شأوا عن المعركة العسكرية وتحتاج إلى الدعم والإسناد دبلوماسيا واعلاميا وتلك معارك أخرى تدور رحاها أيضا وقد تابعت بانبهار المجاهدين البواسل وهم يخوضون هذه المعارك جميعا فى آن واحد ويحققون النجاح تلو النجاح مع أن المعركة السياسية والإعلامية والدبلوماسية تتدخل فيها عوامل عدة وأطراف عديدة مما يجعل المعركة أكثر صعوبة وميادينها كثيرة ومتنوعة وجبهاتها عديدة وذلك يتطلب جهود أكبر ومتابعة حية وترقبا لكل مايقال ومايكتب ومايعرض بدون استثناء مع التحليل والرد المناسب فى التوقيت الأنسب وعدم الإلتفات إلى القضايا الجانبية والمعارك الكلامية.
ولتعلموا أن القوة السياسية فى مواقفها تستند أساسا على ماتحققونه أنتم على الأرض ولولا ثباتكم وصمودكم لتغيرت الأمور سياسيا وميدانيا وجغرافيا ولما استقبلت العواصم العربية قياداتكم كمفاوضين وهم الذين كانوا يتمنون لكم الفناء والزوال, فأنتم مصدر القوة والعزة فلا تتخلوا عنها فتسلحوا بالإيمان بالله وخذوا بكل أسباب القوة وطوروا أساليبها لتتناسب كقوة تردع العدو عن الاستخفاف بدمائنا .
ثالثا/القيادة السياسية للمقاومة :
اهنئكم بالنصر وبالحنكة فى إدارة المعركة وبنجاحكم فى توحيد صفوف الفصائل المقاومة فى خندق واحد وأدعوا الله لكم بالثبات والتصر فى المعركة السياسية والدبلوماسية ولايفوتنكم أن تنوعوا خطابكم بتنوع المخاطب ولا تجملوا فى الخطاب بين الفرقاء ومن ذلك أن يكون العدو الصهيونى فى رأس حربة الخطاب ولا يجب أن يشرك معه مؤيدوه ومساعدوه فى الخطاب.
وأن نتجنب الرد على الأشخاص مهما كانت اعمالهم وعمالتهم واضحة وأى كانت تصريحاتهم سيئة بل يجب التركيز على القضية الرئيسية والدبلوماسية الكلامية التى تمنع من الوقوع فى الفخ الاعلامى والإنجرار وراء الحرب الكلامية والتجريح الشخصى الذى لايخدم القضية بل يضرها .
ثالثا : شرفاء حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية
إن تاريخم النضالى لايسمح لكم بتغيير مواقفكم والتضحية بثوابت القضية الفلسطينية فلم يعد فى العمر بقية تسمح بالبيع والشراء وإننى أدعوكم الى النظر إلى تاريخكم النضالى ومصيره وهل ستختمون حياتكم بالتفريط فى القضية للعدو , أدعوكم إلى العودة الى خطبكم التى القيتموها والكتابات التى كتبتموها لعلكم تتذكرون وتعودون الى مواقفكم السابقة
رابعا : السلطة الفلسطينية :
إن من باع قضيته لعدوه خسر شعبه ولم يأمن غدر عدوه , وأنتم لم تعتبروا من سلفكم ولا من التاريخ ولم تذاكروا الجغرافيا جيدا ودخلتم السياسة من نفق ضيق يسير من ضيق الى أضيق من أعلى إلى أسفل ينتهى إلى الهاوية ولذلك انتم فى مرحلة انتحار سياسى وضعتم انفسكم بين مطرقة العدو وسندان المقاومة , ومع هذا الوضع الصعب الذى وضعتم انفسكم فيه ومع السعى المحموم من بعض الأنظمة العربية وبعض الدول الغربية لإخراجكم من هذا النفق وانقاذكم من مهاوى الردى تبدوا هذه المهمة صعبة بل شبه مستحيلة فتدبروا امركم.
خامسا: الأنظمة العربية
لستم على استعداد لتغيير مبادئكم , ونهجكم اللادينى فى الحكم والسياسة يدفع بكم الى معاداة كل منهج اسلامى والتحالف مع أى منهج يتقاطع مع المنهج الإسلامى حتى لو كان اليهود , ويظل البقاء فى الحكم أطول فترة ممكنة , وعدم الاستعداد لخوض أى معركة من المعارك مع العدو حتى لو كانت سياسية وكلامية أو دبلوماسية فضلا عن الحرب العسكرية, هو خياركم الأول والأخير حتى لو كان الثمن الشعوب والأمة, ومع ذلك تخوضون معارك اعلامية حامية الوطيس مع كل ماهو اسلامى بمناسبة وبغير مناسبة ومعارك أمنية مع المعارضة وتحالف غريب وعجيب مع الفساد والعدو ,ولذا اقول لكم إن دوام الحال من المحال وسيذهب العدو ويذهب الفساد وسترحلون عن كراسيكم طوعا أو كرها ولكن الويل لكم من ثورة الشعوب فى الدنيا ومن عقاب الله فى الاخرة وستبقى البلاد والشعوب فمن انحاز لشعبه ربح نفسه وشعبه وأمن حكمه ومن راهن على غير ذلك كانت نهايته غير مأمونة العواقب, فراهنوا على خيارات الشعوب لتضمنوا البقاء .
سادسا / الشعوب العربية والإسلامية:
لابد من ادراك الواقع الذى تعيش فيه الأمة جيدا وقراءة الخريطة الجغرافية والسياسية ومعرفة جوانب الضعف والقوة فى هذه الأمة وأن القوة ليست عتادا وسلاحا وجيش وشرطة فقط ولكن هناك مفاهيم أخرى للقوة منها القوة السياسية والقوة الدبلوماسية والقوة الإعلامية وقوة الشعوب وهذه الأخيرة قوة رهيبة بغير سلاح تستطيع أن تهزم جيوش وتغير نظم حكم وتفرض واقعا بدون اراقة دماء هذه القوة لجأ اليها غاندى فى الهند ضد الإحتلال الانجليزى وأجبره على الرحيل , ولجأ اليها مانديلا وحرر جنوب افريقيا من البريطانيين البيض ولها صور متعددة منها المقاطعة ومنها التظاهر ومنها العصيان المدنى ووو ولكن اساس نجاح هذه القوة هو توحدها على وسيلة وهدف واحد فقوة الجماهير فى توحدها لذلك تسعى الحكومات إلى تقويض هذه الوحدة أولا بأول .
لذلك ادعو الشعوب والجماهير إلى إعادة النظر فى مظاهر قوتها واستثمارها وعدم الهزيمة نفسيا أمام الحكام وبطشهم , ولا تفقدوا الأمل فى التغيير والإصلاح نتيجة تجبر الحكام لأن التغيير مرهون بالشعوب لا بالحكومات فقط كيفية تفعيل واستثمار هذه القوة وأول خطوات الإستثمار والتفعيل هو الوعى السياسى للشعوب والإيجابية التى تدفع الجميع للتحرك والرغبة فى التغيير.
قضية غزة هى قلب قضية فلسطين وهى قضية المسلمين وليس قضية أهل غزة كما أن فلسطين هى قلب الأمن القومى للعرب والدفاع عن فلسطين دفاع عن الأمة بأسرها وخبراء الأمن القومى والعسكريون يدركون ذلك جيدا بعضهم تكلم عن ذلك والبعض الآخر سيتكلم بعد فوات الأوان , فلتقل الشعوب كلمتها قبل فوات الأوان. د/ انور حامد
Start a Nursing Career With CNA Schooling
قبل ١٠ أعوام
6 تعليقات الزائرين:
٦ فبراير ٢٠٠٩ في ١١:٣٠ م
جزاكم الله خيرا يا دكتور..
وإنها الساحات التي فيها (يمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين)
فاللهم ثبتنا علي دينك
تقبل تحياتي
٧ فبراير ٢٠٠٩ في ١١:٤٨ ص
القلم السكندرى
شكرا لك على مرورك
وشكرا لك على تعليقك
جزاك الله خيرا
وثبتناالله واياك على الحق
اسعد بتواصلك
دمت بخير
١٢ فبراير ٢٠٠٩ في ٢:٠٤ ص
السلام عليكم دكتورنا الغالى
واللع اول مرة أشرف بزيارة مدونة حضرتك لكن يشهد الله أنى ومن أول مت دخلت وكلما قرأت المزيد ازداد اعجابا بمدونة حضرنك بل بصاحب المدونة نفسه
جزاكم اللخ كل خير على الكلام الرائع ده
وعلى بوست حضرتك اللى بعته لنا مع عمار
ومنتظرين حضرتك بالمدونة الخصوصى وانا بعت لحضرتك الدعوة
ودمت بكل خير
ويلا سلام
١٢ فبراير ٢٠٠٩ في ٥:٢٣ م
د/ احمد
شكرا لك على هذه المجاملة اللطيفة
أنا فى غاية السعادة بهذه الزيارة
كما انه شرف لى ان اخط بقلمى تدوينة فى مدونة فكرنا يجمعنا
الى ان القاك فانا فى شوق اليك
اسال الله ان يجمعنا
على دعوته فى الدنيا
وفى جنته فى الاخرة
مرة اخرى اكرر شكرى لك لمرورك وزيارتك وفى انتظار تعليقاتك دوما
دمت بخير
١٤ فبراير ٢٠٠٩ في ٨:٤٧ م
الأخ الفاضل: د/ أنور حامد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحيى تحليلك الطيب والقيم والكاشف للكثير من الحقائق التى يجب أن نعيها جيداً
وكفانا استغراقاً فى سبات ونوم عميق جعلنا فى مؤخرة الأمم .. وجعل أحفاد القردة والخنازير يفعلون بنا الأفاعيل.
ولاحول ولاقوة إلا بالله
تقديرى واحترامى
وبارك الله فيك وأعزك
أخوك
محمد
١٤ فبراير ٢٠٠٩ في ٩:٤٥ م
أخى الحبيب محمد الجرايحى
شكر الله لك
جزاك الله خيرا على هذه الكلمات الطيبه وهذا التقدير والثناء
مرة اخرى احيى مرورك وزيارتك الولى واتمنى ان تدوم
فى انتظار تعليقاتك
تقبل حبى لك فى الله
إرسال تعليق