الشورى أشواق وأشواك
وضوح الفهم وإشكالية التطبيق
بداية أتوجه بخالص الشكر والتحية للدكتور محى حامد على مقاله المميز عن الشورى فقها ( تأصيلا ) وتطبيقا .
أولاً : لقد كان الدكتور مميزا فى عرضه فى الجانب الذى تناوله وهذا لايعنى أنه بمقال أو محاضرة أو كتاب قد أقيمت الشورى ونضجت الممارسة ولا يقول بهذا منصف .
ثانيا : أن الذين علقوا وطلبوا النظر إلى الواقع نظرة عملية محقُون إلى مدى بعيد حيث أن الممارسة والتنفيذ مازالت لم تصل إلى مرحلة النضج كما أنها فى بعض المواقع لاتمارس من الأساس وفى مواقع أخرى نجد قمة الممارسة الشورية وهذا للإنصاف وهذا سمت عام مجتمعى والإخوان جزء منه .
ثالثا : الشورى كقيمة إسلامية ومعلم من معالم حضارة الإسلام ليست اجتهاد من الإخوان ., بل من شمول منهجهم الذى يميزهم عن غيرهم لذلك وضعها الإخوان كهدف أساسى ورئيسى يدًرس ويمارس ووضعت له الأهداف الإجرائية والسلوكية لتحقيقة وتم تجزأته مرحليا على مراحل ومحاضن الإخوان المختلفة تبدأ ب ( أن يبدى الفرد استعداده لترك الخلاف حرصا على علاقته بالآخرين ) وتنتهى ب (أن يمارس الشورى بشكل عملى صحيح ) وهذا يتوقف علىالتنفيذ والقدرة على تحويل المعارف إلى سلوك و هنا تلعب الفروق الفردية والأنماط الشخصية والمهارات الإدارية الدور الأبرز فى تحقيق الهدف .
رابعا : الواقع يشهد أن البعض مازال أسيراً للعمل المغلق ومتأثرا به والذى كان لايتيح قدراً مناسبا من الشورىخاصة على مستوى القواعد , وبالتالى لايستطيع تحقيق هذا الهدف مع غيره وهذه من إشكاليات التطبيق والتى تحتاج إلى مراجعة للنفس وشجاعة للإعتراف بالخطأ وإقدام على التصحيح والتنفيذ .
خامسا : كما قال الدكتور محى حامد ( إن ممارسة الشورى والالتزام بضوابطها وآدابها تحتاج منا إلى فهم ووعي، كما تحتاج منا إلى الشجاعة والقدرة على ضبط النفس،) وهذا لايمكن القول بتوفره لدى الجميع بل يحتاج إلى عزيمة وصبر وإصرار وهذا من أبجديات التربية التى هى عملية تراكمية داخل النفس حتى تتحول القيم مع تكرارها إلى عادة ( التربية فعل متكرر حتى تعتادة النفس ) ولذلك الذين يتحدثون عن الشورى والقصور فيها و يظنون أن الشورى تحدث وتنضج بين يوم وليلة أوبقرار إدارى أو بتغيير مسئول بآخر... , هم لايدركون قيمة الشورى كقيمة عظيمة تُنشًأ فى نفس بشرية (بما لها وما عليها ) وهذا سوف يتستلزم جهدا ووقتاً .
سادساً: أين تمارس الشورى ؟ وهل جميع الإخوان مطالبون بممارسة الشورى فى كل مسألة وقرار, وفى آن واحد ؟ ومن ثم ! من هم المعنيون بالشورى ؟ هذه أسئلة لابد من الإجابة عليها ومناقشتها بهدوء ورويًة , حيث أن ممارسة الشورى وتطبيقها له متطلبات ومراحل وتعترضها عقبات ومشاكل, ومن هذه الإشكاليات أين تمارس ؟ ومن يمارسها ؟ .... إن ممارسة الشورى فى أى عمل أو مؤسسة أو جماعة هو عمل خاص بأبنائها فقط , بل ومن أهل الإختصاص من أبنائها وأهل الحل والعقد , وفى الإخوان مستويات إدارية مختلفة كل مستوى يحتاج إلى خبرات ومتطلبات محددة وله أفراده الذين يقومون على إدارته ومنهم يتم إنتخاب مجلس شورى لكل مستوى , ومجلس الشورى لكل مستوى هو فقط المنوط بممارسة الشورى فيما يتخذ من قرارات , وليس لأفراد الإخوان من المستويات الإدارية الأخرى الحق فى ممارسة الشورى إلا فى مستوياتهم فقط ولكن لهم حق النصح بآدابه وعليهم المشورة إذا طلبت منهم وهناك فارق كبير بين الشورى والمشورة.
سابعاً: إن الذى لايستطيع أن يمارس الشورى فى بيته ومع زوجته وأبنائه ويفضل دور ( سى السيد ) والذى لايمارس الشورى فى عمله ومكتبه ومع موظفيه ومرؤوسيه لن يستطع غرس الشورى ولا ممارستها فى دعوته ورحم الله الأخ إبراهيم متولى الذى كان يجمع أبناءه وهم بين الإعدادى والثانوى والإبتدائي ليشاورهم فى القرارات المصيرية فى بيته وكان يمازحهم ( تعالوا نعمل برلمان علشان يبقى الأمر شورى ) رحمة الله عليك أخى إبراهيم ...., وفى المقابل هناك من يردد ويطبق المثل القائل ( لو مراتك ليها فى البيت مسمار ماتخلعهوش ... لأ.. إكسره ..!!) لأن الزوجة عنده لاتُشاور وإذا شاورها فهو من باب شاوروهم وخالفوهم فأمثال هؤلاء لايقيمون شورى ولايرسخون مبدأها عند غيرهم , فالشورى تحتاج إلى مزيد من المراجعة والمصارحة للنفس والمثابرة مع الممارسة والتنفيذ حتى تصل إلى مرحلة النضج وهذا واجب كل فرد على حدته وكل مسئول فى حدود مسئوليته وكل عضو فى مجلس شورى لأداء واجبه فى ممارسة الشورى ومراجعة كل قراريصدر ليكون ملتزماً بآليات الشورى .
ثامناً : هل كل الأمور تحتاج إلى الشورى ؟ وهل الشورى قيد على المسئول تصيب العمل بآفة الروتين ؟ الشورى معلم عام يطبق فى الأمور كلها ونتائجها ملزمة لكن هناك استثناءات للمسئول فى بعض المسائل البسيطة أو الحساسة أو التى تتطلب قدراً كبيراً من الكتمان والسرية ( على مستوى الدول تكون قرارات الحرب والقرارات المتعلقة بالأمن القومى ...الخ ) كالقرارات المتعلقة بأمن الجماعة أو التى تتناول فى أحد جوانبها أسراراً شخصية وهذه أمور تضيق فيها دأئرة الشورى وتتسع حسب القضية المطروحة وهنا يكون ( رأى الإمام ونائبه فيما لانص فيه وفى المصالح المرسلة ....) كما أن الأمور التى تسٍير العمل والزمن والوقت فيها لايسمح بالإنتظار حتى يجتمع مجلس الشورى وحتى لاتفوت المصلحة ولا تحدث المضًرة , وحتى لاتكون الشورى هنا قيدا على إدارة العمل وروتينا يفوت المصالح , فإن المسئول تترك له مساحة لإتخاذ مايلزم مع عرض قراراته على المجلس فى أقرب فرصة للإنعقاد , كذلك للمسئول حق اتخاذ القرار حسمًا للجدل فى مسألة ما .
تاسعاً :فى ظل الهجمة الأمنية الشرسة على الجماعة والضغط المستمر والتربص بالدعوة يدفع المسئولين إلى الاحتياط وتضييق المسافة الزمنية بين القرار والتنفيذ مما يجعل مع ضيق الوقت صعوبة فى ممارسة الشورى كذلك كثرة المتغيرات السياسية التى تستوجب قرارات سريعة لايتسع الوقت لها لممارسة الشورى بالصورة المطلوبة.
عاشراً : فى ظل ثورة المعلومات ووجود الإعلام المناوىء المتربص قد تتسرب بعض الموضوعات إلى الرأى العام قبل عرضها للشورى ( بعضها يكون من باب التوقعات الصحفية وبعضها تسرب للمعلومات ) وقد تصدق هذه التوقعات كالحديث عن الإنتخابات البرلمانية المقبلة أو الرئاسية وموقف الجماعة منها , والشورى والقرار فريضة وقته وليس كل وقت وقد يكون الأمر قيد الدراسة والبحث من هيئة متخصصة وعلى مراحل متعددة ولا يصح عرضها للنقاش والتمحيص والشورى قبل استيفاء مراحل الدراسة حتى لو تم تسريبها إلى الرأى العام , لذا وجب الحذر والإحتياط فى الإحتفاظ بالمعلومات أو تسريبها.
فى ظل هذه الأجواء يتضح أن العمل على ممارسة الشورى وإنضاجها يحتاج إلى جهد كبير وصبر وشجاعة وقدرة على ضبط النفس كما قال الدكتور محى حامد فى مقاله جزاه الله خيراً. والله الموفق لما يحب ويرضى
د/ أنور حامد
وضوح الفهم وإشكالية التطبيق
بداية أتوجه بخالص الشكر والتحية للدكتور محى حامد على مقاله المميز عن الشورى فقها ( تأصيلا ) وتطبيقا .
أولاً : لقد كان الدكتور مميزا فى عرضه فى الجانب الذى تناوله وهذا لايعنى أنه بمقال أو محاضرة أو كتاب قد أقيمت الشورى ونضجت الممارسة ولا يقول بهذا منصف .
ثانيا : أن الذين علقوا وطلبوا النظر إلى الواقع نظرة عملية محقُون إلى مدى بعيد حيث أن الممارسة والتنفيذ مازالت لم تصل إلى مرحلة النضج كما أنها فى بعض المواقع لاتمارس من الأساس وفى مواقع أخرى نجد قمة الممارسة الشورية وهذا للإنصاف وهذا سمت عام مجتمعى والإخوان جزء منه .
ثالثا : الشورى كقيمة إسلامية ومعلم من معالم حضارة الإسلام ليست اجتهاد من الإخوان ., بل من شمول منهجهم الذى يميزهم عن غيرهم لذلك وضعها الإخوان كهدف أساسى ورئيسى يدًرس ويمارس ووضعت له الأهداف الإجرائية والسلوكية لتحقيقة وتم تجزأته مرحليا على مراحل ومحاضن الإخوان المختلفة تبدأ ب ( أن يبدى الفرد استعداده لترك الخلاف حرصا على علاقته بالآخرين ) وتنتهى ب (أن يمارس الشورى بشكل عملى صحيح ) وهذا يتوقف علىالتنفيذ والقدرة على تحويل المعارف إلى سلوك و هنا تلعب الفروق الفردية والأنماط الشخصية والمهارات الإدارية الدور الأبرز فى تحقيق الهدف .
رابعا : الواقع يشهد أن البعض مازال أسيراً للعمل المغلق ومتأثرا به والذى كان لايتيح قدراً مناسبا من الشورىخاصة على مستوى القواعد , وبالتالى لايستطيع تحقيق هذا الهدف مع غيره وهذه من إشكاليات التطبيق والتى تحتاج إلى مراجعة للنفس وشجاعة للإعتراف بالخطأ وإقدام على التصحيح والتنفيذ .
خامسا : كما قال الدكتور محى حامد ( إن ممارسة الشورى والالتزام بضوابطها وآدابها تحتاج منا إلى فهم ووعي، كما تحتاج منا إلى الشجاعة والقدرة على ضبط النفس،) وهذا لايمكن القول بتوفره لدى الجميع بل يحتاج إلى عزيمة وصبر وإصرار وهذا من أبجديات التربية التى هى عملية تراكمية داخل النفس حتى تتحول القيم مع تكرارها إلى عادة ( التربية فعل متكرر حتى تعتادة النفس ) ولذلك الذين يتحدثون عن الشورى والقصور فيها و يظنون أن الشورى تحدث وتنضج بين يوم وليلة أوبقرار إدارى أو بتغيير مسئول بآخر... , هم لايدركون قيمة الشورى كقيمة عظيمة تُنشًأ فى نفس بشرية (بما لها وما عليها ) وهذا سوف يتستلزم جهدا ووقتاً .
سادساً: أين تمارس الشورى ؟ وهل جميع الإخوان مطالبون بممارسة الشورى فى كل مسألة وقرار, وفى آن واحد ؟ ومن ثم ! من هم المعنيون بالشورى ؟ هذه أسئلة لابد من الإجابة عليها ومناقشتها بهدوء ورويًة , حيث أن ممارسة الشورى وتطبيقها له متطلبات ومراحل وتعترضها عقبات ومشاكل, ومن هذه الإشكاليات أين تمارس ؟ ومن يمارسها ؟ .... إن ممارسة الشورى فى أى عمل أو مؤسسة أو جماعة هو عمل خاص بأبنائها فقط , بل ومن أهل الإختصاص من أبنائها وأهل الحل والعقد , وفى الإخوان مستويات إدارية مختلفة كل مستوى يحتاج إلى خبرات ومتطلبات محددة وله أفراده الذين يقومون على إدارته ومنهم يتم إنتخاب مجلس شورى لكل مستوى , ومجلس الشورى لكل مستوى هو فقط المنوط بممارسة الشورى فيما يتخذ من قرارات , وليس لأفراد الإخوان من المستويات الإدارية الأخرى الحق فى ممارسة الشورى إلا فى مستوياتهم فقط ولكن لهم حق النصح بآدابه وعليهم المشورة إذا طلبت منهم وهناك فارق كبير بين الشورى والمشورة.
سابعاً: إن الذى لايستطيع أن يمارس الشورى فى بيته ومع زوجته وأبنائه ويفضل دور ( سى السيد ) والذى لايمارس الشورى فى عمله ومكتبه ومع موظفيه ومرؤوسيه لن يستطع غرس الشورى ولا ممارستها فى دعوته ورحم الله الأخ إبراهيم متولى الذى كان يجمع أبناءه وهم بين الإعدادى والثانوى والإبتدائي ليشاورهم فى القرارات المصيرية فى بيته وكان يمازحهم ( تعالوا نعمل برلمان علشان يبقى الأمر شورى ) رحمة الله عليك أخى إبراهيم ...., وفى المقابل هناك من يردد ويطبق المثل القائل ( لو مراتك ليها فى البيت مسمار ماتخلعهوش ... لأ.. إكسره ..!!) لأن الزوجة عنده لاتُشاور وإذا شاورها فهو من باب شاوروهم وخالفوهم فأمثال هؤلاء لايقيمون شورى ولايرسخون مبدأها عند غيرهم , فالشورى تحتاج إلى مزيد من المراجعة والمصارحة للنفس والمثابرة مع الممارسة والتنفيذ حتى تصل إلى مرحلة النضج وهذا واجب كل فرد على حدته وكل مسئول فى حدود مسئوليته وكل عضو فى مجلس شورى لأداء واجبه فى ممارسة الشورى ومراجعة كل قراريصدر ليكون ملتزماً بآليات الشورى .
ثامناً : هل كل الأمور تحتاج إلى الشورى ؟ وهل الشورى قيد على المسئول تصيب العمل بآفة الروتين ؟ الشورى معلم عام يطبق فى الأمور كلها ونتائجها ملزمة لكن هناك استثناءات للمسئول فى بعض المسائل البسيطة أو الحساسة أو التى تتطلب قدراً كبيراً من الكتمان والسرية ( على مستوى الدول تكون قرارات الحرب والقرارات المتعلقة بالأمن القومى ...الخ ) كالقرارات المتعلقة بأمن الجماعة أو التى تتناول فى أحد جوانبها أسراراً شخصية وهذه أمور تضيق فيها دأئرة الشورى وتتسع حسب القضية المطروحة وهنا يكون ( رأى الإمام ونائبه فيما لانص فيه وفى المصالح المرسلة ....) كما أن الأمور التى تسٍير العمل والزمن والوقت فيها لايسمح بالإنتظار حتى يجتمع مجلس الشورى وحتى لاتفوت المصلحة ولا تحدث المضًرة , وحتى لاتكون الشورى هنا قيدا على إدارة العمل وروتينا يفوت المصالح , فإن المسئول تترك له مساحة لإتخاذ مايلزم مع عرض قراراته على المجلس فى أقرب فرصة للإنعقاد , كذلك للمسئول حق اتخاذ القرار حسمًا للجدل فى مسألة ما .
تاسعاً :فى ظل الهجمة الأمنية الشرسة على الجماعة والضغط المستمر والتربص بالدعوة يدفع المسئولين إلى الاحتياط وتضييق المسافة الزمنية بين القرار والتنفيذ مما يجعل مع ضيق الوقت صعوبة فى ممارسة الشورى كذلك كثرة المتغيرات السياسية التى تستوجب قرارات سريعة لايتسع الوقت لها لممارسة الشورى بالصورة المطلوبة.
عاشراً : فى ظل ثورة المعلومات ووجود الإعلام المناوىء المتربص قد تتسرب بعض الموضوعات إلى الرأى العام قبل عرضها للشورى ( بعضها يكون من باب التوقعات الصحفية وبعضها تسرب للمعلومات ) وقد تصدق هذه التوقعات كالحديث عن الإنتخابات البرلمانية المقبلة أو الرئاسية وموقف الجماعة منها , والشورى والقرار فريضة وقته وليس كل وقت وقد يكون الأمر قيد الدراسة والبحث من هيئة متخصصة وعلى مراحل متعددة ولا يصح عرضها للنقاش والتمحيص والشورى قبل استيفاء مراحل الدراسة حتى لو تم تسريبها إلى الرأى العام , لذا وجب الحذر والإحتياط فى الإحتفاظ بالمعلومات أو تسريبها.
فى ظل هذه الأجواء يتضح أن العمل على ممارسة الشورى وإنضاجها يحتاج إلى جهد كبير وصبر وشجاعة وقدرة على ضبط النفس كما قال الدكتور محى حامد فى مقاله جزاه الله خيراً. والله الموفق لما يحب ويرضى
د/ أنور حامد
0 تعليقات الزائرين:
إرسال تعليق