ا

الأزمة المالية العالمية ... محاولة لفهم مايحدث !!!!! الحلقة الثانية(2-5)
جمعها وعلق عليها : د/ أنور حامد

ثانيا : سبل مواجهة الأزمة:


مواجهة الأزمة
ولم يبدأ الانتعاش في الولايات المتحدة إلا عام 1933 مع سياسة "العهد الجديد" التي وضعها الرئيس فرانكلين روزفلت، حيث نصت سياسة العهد على وضع حلول للأزمة المصرفية عام 1933 وإعادة فتح البنوك السليمة، وإصدار قوانين عامي 1933 و1935 تمنع البنوك من التعامل بالأسهم والسندات. وكذلك إنشاء مؤسسات لرعاية ضحايا الأزمة من العاطلين، بالإضافة إلى إصدار قوانين تحقق الاستقرار في قطاع الزراعة وإصدار قانون الإصلاح الصناعي عام 1933، وتصحيح استخدام الأوراق المالية من خلال إنشاء لجنة تبادل الأوراق المالية عام 1934. صندوق النقد الدولي هو وكالة متخصصة من وكالات منظومة الأمم المتحدة، أنشئ بموجب معاهدة دولية عام 1945 للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي. ويقع مقره في العاصمة الأميركية واشنطن، ويديره أعضاؤه الذين يشملون جميع بلدان العالم تقريباً. وهو المؤسسة المركزية في النظام النقدي الدولي، أي نظام المدفوعات الدولية وأسعار صرف العملات الذي يسمح بإجراء المعاملات التجارية بين البلدان المختلفة.ويستهدف الصندوق منع وقوع الأزمات بالنظام الاقتصادي الدولي عن طريق تشجيع البلدان المختلفة على اعتماد سياسات اقتصادية سليمة، كما أنه -كما يتضح من اسمه- صندوق يمكن أن يستفيد من موارده الأعضاء الذين يحتاجون التمويل المؤقت لمعالجة ما يتعرضون له من مشكلات في ميزان المدفوعات.
وتتضمن الأهداف القانونية للنقد الدولي تيسير التوسع والنمو المتوازن بالتجارة الدولية، وتحقيق استقرار أسعار الصرف، وتجنب التخفيض التنافسي لقيم العملات، وإجراء تصحيح منظم لاختلالات موازين المدفوعات التي تتعرض لها البلدان. ولتحقيق هذه الأهداف، يقوم الصندوق بمراقبة التطورات والسياسات الاقتصادية والمالية في البلدان الأعضاء وعلى المستوى العالمي، وتقديم المشورة بشأن السياسات لأعضائه استناداً إلى الخبرة التي اكتسبها طوال أكثر من خمسين عاماً.وتتضمن مجالات اختصاص النقد الدولي سياسات الاقتصاد الكلي والقطاع المالي, حيث يهتم في إشرافه على السياسات الاقتصادية للبلدان الأعضاء بأداء الاقتصاد ككل، وهو ما يشار إليه في الغالب بأداء الاقتصاد الكلي. ويركز الصندوق أساساً على السياسات الاقتصادية الكلية للبلدان -أي السياسات المتعلقة بميزان الحكومة، وإدارة النقد والائتمان وسعر الصرف- وسياسات القطاع المالي بما في ذلك تنظيم البنوك والمؤسسات المالية الأخرى والرقابة عليها. كما يوجه النقد الدولي اهتماماً كافياً للسياسات الهيكلية التي تؤثر على أداء الاقتصاد الكلي، بما في ذلك سياسات سوق العمل التي تؤثر على سلوك التوظيف والأجور.

ويقدم الصندوق المشورة لكل بلد عضو حول كيفية تحسين سياسته بهذه المجالات، بما يتيح مزيداً من الفاعلية في السعي لبلوغ أهداف مثل ارتفاع معدل توظيف العمالة، وانخفاض التضخم، وتحقيق النمو الاقتصادي القابل للاستمرار، أي النمو الذي يمكن أن يستمر بغير أن يؤدي إلى مصاعب كالتضخم ومشكلات ميزان المدفوعات.
والمصدر الرئيسي لموارد الصندوق هو اشتراكات الحصص (أو رأس المال) التي تسددها البلدان عند الانضمام إلى العضوية أو في أعقاب المراجعات الدورية التي تزاد فيها الحصص.وتدفع البلدان 25% من اشتراكات حصصها بحقوق السحب الخاصة أو بإحدى العملات الرئيسية، مثل الدولار الأميركي أو الين الياباني. ويمكن للصندوق أن يطلب إتاحة المبلغ المتبقي الذي يدفعه العضو بعملته الوطنية لأغراض الإقراض حسب الحاجة.وتحدد الحصص ليس فقط مدفوعات الاشتراك المطلوبة من البلد العضو، وإنما أيضاً عدد أصواته وحجم التمويل المت اح له من الصندوق ونصيبه من مخصصات حقوق السحب الخاصة
البنك الدولي:يبلغ عدد الدول الأعضاء في البنك الدولي 185 دولة تصب مصالحها وآراؤها في مجلس المحافظين ومجلس الإدارة ومقره واشنطن. ولكي تصبح أي دولة عضوا في البنك الدولي للإنشاء والتعمير يجب أن تنضم أولا إلى صندوق النقد الدولي ومؤسسة التنمية الدولية ومؤسسة التمويل الدولي وهيئة ضمان الاستثمار المتعدد الأطراف.
النشأة والعضويةاتفق على إنشائه مع صندوق النقد الدولي في المؤتمر الذي دعت إليه هيئة الأمم المتحدة في بريتون وودز بالولايات المتحدة الأميركية في يوليو/تموز 1944، وقد حضر المؤتمر 44 دولة.
بدأ البنك أعماله في يونيو/حزيران 1946. ويعمل في مقر البنك الدولي في واشنطن ثمانية آلاف موظف وحوالي ألفين في العمل الميداني. ويأتي ما يزيد على نصف العاملين في البنك من الأميركيتين والبقية من جميع أنحاء العالم.
الهدف العامالهدف العام من البنك هو تشجيع استثمار رؤوس الأموال بغرض تعمير وتنمية الدول المنضمة إليه والتي تحتاج لمساعدته في إنشاء مشروعات ضخمة تكلف كثيرا وتساعد في الأجل الطويل على تنمية اقتصاد الدولة وبذلك تستطيع أن تواجه العجز الدائم في ميزان مدفوعاتها. ومساعدة البنك تكون إما بإقراضه الدول من أمواله الخاصة، أو بإصدار سندات قروض للاكتتاب الدولي.
وتقدم كل دولة عضو في البنك من اشتراكها المحدد في رأس مال البنك ذهبا أو دولارات أميركية ما يعادل 18% من عملتها الخاصة، والباقي يظل في الدولة نفسها، ولكن البنك يستطيع الحصول عليه في أي وقت لمواجهة التزاماته.
وبشكل عام يقوم البنك بإقراض الحكومات مباشرة أو بتقديم الضمانات التي تحتاجها للاقتراض من دولة أخرى أو من السوق الدولية. لكن ممارسة البنك لأعماله أظهرت أنه كان متحيزا في إقراضه بعض الدول وعدم إقراضه دولا أخرى (مشروع السد العالي في مصر).
مؤسسات البنك الدوليتتكون مجموعة البنك الدولي من خمس مؤسسات هي:
البنك الدولي للإنشاء والتعمير
مؤسسة التنمية الدولية
مؤسسة التمويل الدولي
هيئة ضمان الاستثمار المتعدد الأطراف
المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار
وتختص هذه المؤسسات بجوانب مختلفة من التنمية، لكنها تستخدم إفاداتها النسبية للعمل بطريقة متعاونة نحو الهدف الأساسي نفسه ألا وهو تقليل نسبة الفقر.
ويرمز إلى البنك الدولي أحيانا باسم البنك ويقصد به البنك الدولي للإنشاء والتعمير ومؤسسة التنمية الدولية. ويشير تقرير البنك للعام المالي 2001 إلى قيام المؤسسة بإقراض الدول الأعضاء ما يزيد على 17 مليار دولار
تعليق : إن هذه الأزمة لها دلالات عدة : أهمها
1هذه الأزمة وغيرها من الأزمات الكبيرة مثل إعصار تسونامى والإعصارات التى تجتاح السواحل الأمريكية كل عام إنما هى دليل على محدودية قدرة البشر وعجزهم أمام قدرة الله (... حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ....) صدق الله العظيم.
2فشل النظرية الرأسمالية الغربية وبالتالى إنهيارها بعد فشل النظرية الإشتراكية وانهيارها فإين البديل
؟! (... قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم فى الأرض فينظر كيف تعملون ....)
3لقد أصبح العالم كله كالقرية الصغيرة يتأثر بعضه ببعض وهذا يوجب على العالم سياسة التوحد والتكامل والتعاون بدلا من التناحر والتقاتل والإستغلال.
4ضرورة محاربة كل صور الإحتكار والإستغلال من جانب الأغنياء للفقراء وأوضح الأمثلة على ذلك الفائدة المالية على الإقراض وهنا تتجلى حكمة البارى فى تحريم الربا .
المصادر
1- موقع الجزيرة نت
2- جامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد، عام 1998.
3- صندوق النقد العربي، معهد السياسات الاقتصادية، "سياسة وإدارة الدين العام في البلدان العربية
4- التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2001 الصادر عن جامعة الدول العربية

الأزمة المالية العالمية ... محاولة لفهم مايحدث !!!!! الحلقة الاولى ( 1-5 )
أولا :
أزمة الرهن العقاري: أزمة الرهن العقاري هي أزمة مالية خطيرة ظهرت على السطح فجأة، فجرها في البداية تهافت البنوك على منح قروض عالية المخاطر، وبدأت الأزمة تكبر ككرة الثلج لتهدد قطاع العقارات في الولايات المتحدة ثم البنوك والأسواق المالية العالمية لتشكل تهديدا للاقتصاد المالي العالمي.

كيف حدثت؟
1- شجع الازدهار الكبير لسوق العقارات الأميركية ما بين عامي 2001-2006، البنوك وشركات الإقراض على اللجوء إلى الإقراض العقاري مرتفع المخاطر، وهو منح مقترضين القروض بدون ضمانات كافية، وبمخاطر كبيرة مقابل سعر فائدة أعلى، والهدف هو تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح لمؤسسات الإقراض.

2- توسعت المؤسسات المالية الكبرى في منح القروض للمؤسسات العقارية وشركات المقاولات والتي زادت عن سبعمائة مليار دولار.

3- أدى ارتفاع سعر الفائدة إلى تغيير في طبيعة السوق الأميركية، تمثل في انخفاض أسعار المنازل، وتزايد عدد العاجزين عن سداد قروضهم العقارية في الولايات المتحدة.

4- ظهرت بوادر الأزمة على السطح بشكل جلي مع بداية عام 2007، وذلك مع تزايد حالات التوقف عن الدفع، وزيادة ظاهرة استيلاء المقرضين على العقارات، وكثرة المواجهات بين المقترضين والبنوك.

5- بلع حجم القروض المتعثرة للأفراد نحو مائة مليار دولار.

6- زاد عدد المنازل المعروضة للبيع بالولايات المتحدة 75% عام 2007، حيث بلغ عددها 2.2 مليون، وهو ما يمثل نحو 1% من عدد المساكن بالولايات المتحدة كلها.

7- ضعفت قدرة البنوك على تمويل الشركات والأفراد، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي، وهدد بحدوث كساد.

8- أدى ارتباط عدد كبير من المؤسسات المالية خاصة في أوروبا وآسيا بالسوق المالية الأميركية إلى انتقال أزمة الرهن العقاري من الولايات المتحدة إلى القارة الآسيوية والأوروبية، لتتطور إلى أزمة أكبر باتت تعرف بالأزمة المالية العالمية.

محاولات للإنقاذ
1- البنوك المركزية العالمية في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا ضخت نحو 326 مليار دولار في نظمها المالية، لحماية النظام المالي العالمي من الانهيار.

2- وافق مجلس الشيوخ الأميركي على مشروع قانون لحماية ملاك العقارات يوفر ثلاثمائة مليار دولار تستخدمها إدارة العقارات الاتحادية لإعادة تمويل قروض الرهن العقاري، الخاصة بملاك العقارات.

3- قرر مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) تخفيض أسعار الفائدة الأساسية بنسبة 0.75% دفعة واحدة، لتصل إلى 3.5%، لمواجهة الاضطرابات المتزايدة في أسواق المال العالمية. ثم جرى التخفيض تدريجيا إلى 2%.

4- في أوروبا اتفقت حكومات هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ على استثمار مبلغ 11.2 مليار يورو في مؤسسة "فورتيس" للخدمات المالية، وهو ما يعني عمليا تأميمها.

5- اتفقت عشرة مصارف دولية على إنشاء صندوق للسيولة برأسمال سبعين مليار دولار لمواجهة أكثر حاجاتها إلحاحا، في حين وافقت المصارف المركزية على فتح مجالات التسليف.

قالوا عن الأزمة
-الرئيس الأميركي جورج بوش: "الاقتصاد الأميركي في خطر، وقطاعات رئيسية في النظام المالي الأميركي مهددة بالإغلاق".
-الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين: "هذا لم يعد انعداما للإحساس بالمسؤولية من جانب بعض الأفراد، بل عدم إحساس بالمسؤولية لدى النظام كله الذي يتباهى بالزعامة العالمية".
-رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون: "الاستهتار داخل الولايات المتحدة بالنظام المالي هو الذي أدى إلى أزمة الائتمان المالي التي يعاني منها العالم".
-الرئيس السابق للاحتياطي الفدرالي الأميركي آلان غرينسبان: "الأزمة هي الأخطر منذ قرن، ولم تنته بعد وستستغرق مزيدا من الوقت، وأتوقع انهيار العديد من المؤسسات المالية الكبرى بسبب القسوة الاستثنائية لهذه الأزمة".
-الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: "الأزمة المالية تهدد معيشة مليارات الأشخاص عبر العالم خصوصا الأكثر فقرا".
-وزير المالية الألماني بير شتاينبروك: "الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الأزمة المالية العالمية الراهنة بسبب الحملة الأنغلوساكسونية التي تهدف لتحقيق أرباح كبيرة، ومكافآت هائلة للمصرفيين وكبار مديري الشركات، والأزمة ستخلف أثارا عميقة وستحدث تحولات في النظام المالي العالمي".
-رئيس البنك الدولي روبرت زوليك "الأزمة ستؤثر سلبا على الدول النامية، التي تواجه بالفعل ضغوطا على ميزانيات المدفوعات، لأن الأسعار المرتفعة تؤدي إلى تضخم فواتير الواردات".
ضحايا أزمة الرهن العقاري في أميركا
تؤثر أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة على قطاعات اقتصادية عديدة. لكن أثرها على العائلات الأميركية كان أقسى، إذ فقدت آلاف العائلات منازلها بسبب عدم قدرتها على دفع الأقساط الشهرية. وتؤكد معظم التوقعات أن الاقتصاد الأميركي قد يتعرض لانهيار غير مسبوق إذا ما استمرت العائلات تفقد ملكية مساكنها والمصارف المُقرضة تخسر أموالها
الآثار المترتبة على الأزمة المالية

خسائر أولية:1-إفلاس عدد من شركات الإقراض العقاري الأميركية مثل (نيو سينتشري فايننشال كوربوريشن"، و"أميركان هوم مورغيج انفستمنت).2-لجوء الكثير من الشركات العقارية إلى تسريح عدد كبير من موظفيها، ومن بين هذه الشركات شركة كانتري وايد، كبرى مؤسسات القروض العقارية في الولايات المتحدة، التي قررت تسريح خمس موظفيها بواقع 12 ألف وظيفة لمواجهة نحو 1.2 مليار دولار من الخسائر التي لحقت بها جراء أزمة الرهن العقاري.3- ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين أميركي يواجهون خطر فقدان منازلهم.4- شركة (ميريل لينش) الاستثمارية الأميركية تتكبد خسائر بقيمة 14.1 مليار دولار.5-بنك أوف أميركا يشتري بقيمة أربعة مليارات دولار بنك كنتري وايد أكبر ممول للرهن العقاري في الولايات المتحدة، في خطوة من شأنها تفادي حدوث واحدة من أكبر حالات الانهيار في أميركا جراء أزمة الإسكان.

6- تدهورت البورصات أمام مخاطر اتساع الأزمة، بينما أعلنت عدة مصارف كبرى عن انخفاض كبير في أسعار أسهمها.

7- قررت جميع البنوك الأوروبية تجميد صناديقها العاملة في المجال العقاري في الولايات المتحدة،، حيث جمد بنك (بي إن بي باريبا) أكبر بنك فرنسي مدرج بالبورصة استثمارات قيمتها (2.3) مليار دولار.

8- بنك (أي كي بي إنادستري) الألماني تكبد خسارة تقدر بـ 954.818 مليون دولار.

9- أقدمت الحكومة البريطانية على تأميم بنك "نورذرن روك" للتمويل العقاري لمنع اشهار إفلاسه، وهي المرة الأولى منذ سبعينيات القرن الماضي التي يتم فيها تأميم شركة بريطانية.

10- بنك جي بي مورغان تشيز أعلن شراء بنك الأعمال الأميركي "بير ستيرنز" بسعر متدن مع المساعدة المالية للاحتياطي الاتحادي.

11- باعت مؤسسة سيتي غروب 7.5 مليار دولار من السندات إلى هيئة استثمار أبو ظبي الإماراتية الحكومية.

12- خسائر مصرف بنك كريدي سويس السويسري سجلت أرقاما قياسية.

13- الحكومة اليابانية تعلن أن خسائر مؤسساتها المالية نتيجة لأزمة قروض الرهن العقاري تضاعفت إلى 5.6 مليارات دولار بالأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي.
خسائر على المدى الطويل:
أولا :
الركود الاقتصادي :يعني الركود الاقتصادي انخفاضا في الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما, أو نموا سلبيا في النمو الاقتصادي الحقيقي لمدة فصلين متعاقبين أو أكثر من السنة.يُشار إلى أن معظم حالات الركود الاقتصدي في العالم كانت قصيرة.ويمكن مشاهدة آثار الركود في الانخفاض الكبير بالنشاط الاقتصادي لعدة أشهر، مما يعكس انخفاضا بالناتج المحلي الإجمالي والدخل الحقيقي للدولة، وفي زيادة البطالة وانخفاض الإنتاج الصناعي وانخفاض تجارة التجزئة. ويبدأ الركود بعد أن يصل النشاط الاقتصادي إلى أوجه، وينتهي بعد أن يصل الاقتصاد إلى أدنى درجة في النمو. وبعدها يبدأ الاقتصاد مرحلة جديدة يعاود فيها الصعود الى الأعلى فيما يعرف بالنمو الاقتصادي. ويصاحب فترة الركود انخفاض في النشاط الاقتصادي العام وزيادة في عدد العاطلين عن العمل، وانخفاض في حجم الاستثمارات وأرباح الشركات. وقد يصاحب الركود انخفاض كبير بالأسعار أي انخفاض في معدل التضخم، وقد يصاحبه أيضا ارتفاع كبير في معدل التضخم. ويطلق على الركود لفترة طويلة الكساد الاقتصادي، والذي يوصف إذا
كان خطيرا بالانهيار الاقتصادي.
ثانيا:
الكساد الكبير:الكساد الكبير هو اصطلاح يطلق على الأزمة التي نتجت عن تدهور معدلات النمو الاقتصادي في معظم دول العالم عام 1929 وانتهت في ثلاثينيات القرن الماضي أو بداية أربعينيات القرن نفسه في أوقات مختلفة.

ويعتبر الكساد الكبير أكبر وأهم فترة تدهور اقتصادي عرفها التاريخ الحديث، ويعتبر في القرن الحالي مؤشرا لقياس العمق الذي يمكن أن يهوي إليه الاقتصاد العالمي.


وكانت أسواق المال الأميركية -مكان الانطلاق- أول ضحايا الأزمة, وتم التأريخ لها بانهيار بورصة نيويورك في حي المال أو وول ستريت يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول عام 1929 الذي أطلق عليه "الخميس الأسود" وتبعه "الثلاثاء الأسود" يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول من نفس السنة، وحدث ذلك بسبب طرح 13 مليون سهما للبيع لكنها لم تجد مشترين لتفقد قيمتها.

ونشر الوضع الاقتصادي الذعر لدى المستثمرين في البورصة، وبادر الوسطاء إلى البيع بكثافة، ليجد آلاف المساهمين بعد ذلك أنفسهم مفلسين.



خسائر كبيرة
وأعلنت عشرات المؤسسات المالية إفلاسها وأغلق العديد من المصانع، لتتسبب في أعداد هائلة من العاطلين عن العمل وتوقف للإنتاج, وانتقلت الأزمة كالنار في الهشيم إلى جميع الأسواق العالمية.

وخسر مؤشر داو جونز المنهار 22.6 من قيمته يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول، كما بلغت الخسائر الإجمالية بين 22 أكتوبر/تشرين الأول و13 نوفمبر/تشرين الثاني ثلاثين مليار دولار بمعدل يفوق الميزانية الاتحادية عشر مرات وأكثر من النفقات الأميركية في الحرب العالمية الأولى، ولم يحل عام 1932 حتى كان مؤشر داو جونز قد فقد 89% من قيمته.

ودفع ذلك أصحاب المصارف بالولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة الأزمة فقاموا باسترجاع كميات كبيرة من المال من مصارف في ألمانيا وفرنسا وإنجلترا, وهي دول تضررت كثيرا بتداعيات الأزمة.

وفي ألمانيا تسببت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في انهيار جمهورية فيمار أعقبها ظهور النازيين، أما في فرنسا فبدأت آثارها بالظهور سنة 1931، بينما اتخذت بريطانيا إجراءات قللت من حدة الأزمة مثل تخفيض أسعار الفوائد.
ثالثا:
التضخم:التضخم هو الارتفاع المتزايد في أسعار السلع والخدمات، سواء كان هذا الارتفاع ناتجا عن زيادة كمية النقد بشكل يجعله أكبر من حجم السلع المتاحة، أو العكس أي أنه ناجم عن زيادة في الإنتاج فائضة عن الطلب الكلي، أو بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، فضلا عن الدور المغذي للتوقعات التضخمية.

لكن ليس من السهل تحديد متى يصبح ارتفاع الأسعار تضخميا. ويمكن القول إن هناك تضخما عندما ترتفع الأسعار المحلية بشكل أسرع من ارتفاع الأسعار العالمية. ففي هذه الحالة تكبح الصادرات وتسهل الواردات ويخشى في نهاية الأمر أن تنضب احتياطيات الدولة وقد تتحول إلى دولة مدينة.

ومن أبرز سمات ظاهرة التضخم:
- أنها نتاج لعوامل اقتصادية متعددة، قد تكون متعارضة فيما بينها، فالتضخم ظاهرة معقدة ومركبة ومتعددة الأبعاد في آن واحد.
- ناتجة عن اختلال العلاقات السعرية بين أسعار السلع والخدمات من ناحية، وبين أسعار عناصر الإنتاج (مستوى الأرباح والأجور وتكاليف المنتج) من جهة أخرى.
- انخفاض قيمة العملة مقابل أسعار السلع والخدمات، والذي يعبر عنه بـ"انخفاض القوة الشرائية".

أنواع التضخم
هناك أنواع عديدة من التضخم، أبرزها:

- التضخم العادي: عند زيادة عدد السكان تزداد احتياجاتهم، فتضطر الدولة إلى تمويل جانب من الإنفاق العام عن طريق إصدار نقود بلا غطاء، مما يؤدي بالنتيجة إلى ارتفاع الأسعار، وهذا النوع من التضخم تعاني منه الغالبية العظمى من الدول، لذا تخطط الدول إلى تنظيم الأسرة وتحديد الولادات.

- تضخم جذب الطلب: يحدث عندما ترتفع الأسعار نتيجة لوجود فائض كبير في الطلب الكلي مقارنة بالعرض الكلي "المحلي والمستورد"، وقد يكون ذلك مؤقتاً وقد يستمر، مثل ارتفاع أسعار ألعاب وبعض المواد الغذائية في الأعياد أو مناسبات معينة (بداية الموسم) أو السياحة والاصطياف، وفي هذه الحالات فإن زيادة الإنفاق لا تمثل زيادة في الإنتاج الحقيقي بقدر ما تكون نتيجتها زيادة الأسعار.

- التضخم المتسلل: وهو تضخم عادي، لكنه يحدث أثناء انخفاض الإنتاج، حيث تبدأ أسعار السلع والخدمات في الارتفاع ما يحدث مخاوف لدى المستهلكين من استمرار ارتفاع الأسعار، فيلجؤون إلى شراء سلع وخدمات أكثر من حاجتهم، ويتخلصون من النقود، فيتكون التضخم المتسلل الذي يؤدي إلى كبح النمو.

- التضخم الجامح: عادة يحدث هذا النوع من التضخم في بدايات مرحلة الانتعاش أو مرحلة الانتقال من نظام اقتصادي إلى آخر، أو في الفترات التي تعقب الحروب، لذلك يعتبر هذا النوع من التضخم أسوأ أنواع التضخم، حيث يفقد الناس الثقة في النظام الاقتصادي.

- التضخم المكبوت: غالباً ما يظهر هذا النوع من التضخم في الدول التي تأخذ بالاقتصاد الموجه، حيث تصدر الدولة نقودا دون غطاء بهدف الإنفاق العام للدولة، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار نتيجة زيادة الطلب على العرض بسبب وفرة النقد، فتلجأ الدولة إلى التدخل من أجل التحكم بالأسعار عن طريق تحديد حصص من السلع والخدمات لكل فرد، وكأن الدولة بذلك كبتت (قيدت) تحول الفجوة بين الطلب الأكبر والعرض الأقل، وهذا ما يؤدي إلى ظهور الأسواق السوداء.

-التضخم المستورد: عندما ترتفع أسعار السلع المستوردة لأي سبب كان ينسحب هذا الارتفاع، في الغالب على السلع المحلية، ما يؤثر بشكل واضح على أصحاب الدخول المحدودة، فيطالبون بزيادة الأجور والمرتبات.

-التضخم الركودي: في فترات الركود ينخفض الطلب الفعال وينخفض مستوى تشغيل الجهاز الإنتاجي فتتزايد معدلات البطالة، وإذا كان هناك احتكار كامل أو مهيمن، فلا يستطيع أحد إجبار الشركات المحتكرة على تخفيض أسعار سلعها وخدماتها في حالة الركود، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مع ارتفاع معدلات البطالة.
رابعا:
الإفلاس
فالإفلاس يعني أن يصدر القضاء حكما يفيد عدم قدرة جهة ما على التمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه دائنيها. وبالنسبة للدول يعني ذلك عجز الدولة عن الوفاء بديونها أو تسديد الأموال لدفع أثمان ما تستورده من بضائع وسلع. وقع العديد من البلدان النامية ومن بينها الدول العربية في فخ المديونية الخارجية وبلغ حجمها مستويات حرجة باتت تؤثر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لهذه الدول.
والتساؤل الذي يطرح نفسه الآن وبإلحاح هو: هل ساعدت هذه الأموال الدول النامية ومنها الدول العربية على تحقيق التنمية المنشودة؟ وما هي انعكاسات المديونية الخارجية على مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية المدينة؟ وإلى أي حد أثرت أزمة المديونية الخارجية على القرار السياسي العربي؟
آثار عالمية

وقد كان للكساد العالمي آثار كارثية على الدول المتقدمة والدول النامية التي كانت لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار, كما تأثرت التجارة العالمية بشكل كبير وكذلك الدخول الفردية في العالم وعائدات الضرائب وأسعار السلع وأرباح المؤسسات المالية والشركات.

وانعكست آثار الأزمة على مدن العالم التي تعتمد على الصناعات المختلفة كما شلت صناعة البناء وتوقفت في مختلف دول العالم وانخفضت أسعار المحاصيل بنسبة 40 إلى 60%. وكانت صناعات المواد الأولية الأكثر تضررا في العالم
المصادر
1- موقع الجزيرة نت
2- جامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادي العربي الموحد، عام 1998 و2001.
3- صندوق النقد العربي، معهد السياسات الاقتصادية، "سياسة وإدارة الدين العام في البلدان العربية
4- التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2001 الصادر عن جامعة الدول العربية

التوازن فى دعوة الإخوان المسلمين

التوازن فى دعوة الإخوان المسلمين
تتميز دعوة الإخوان بأنها دعوة متوازنة فى منهجها معتدلة فى فكرها فهى دعوة مدنية تدعوا الناس إلى عمارة الدنيا وقلوبهم متعلقة بالآخرة , فكرتها " أنه حيث وجدت المصلحة فثم شرع الله " , تؤمن فى عقيدتها أن الشريعة تدعوا إلى مصلحة العباد والرحمة والعدل بينهم " فشريعة الإسلام رحمة كلها عدل كلها سمحة كلها , وكل مسألة انتقلت من الرحمة إلى ضدها ومن العدل إلى ضده ومن السماحة إلى ضدها ليست من شريعة الاسلام فى شىء ..." إبن القيم هذا الإيمان وهذه العقيدة السليمة هى التى تشكل وجدان هذه الدعوة ومنهجها المتوازن فهى ليست دعوة براجماتية ولا ميكافيلية , ليست نفعية ولا صاحبة غرض تتلون للحصول عليه ثم تتنكر لمواقفها بعد ذلك , إنها دعوة واضحة وصريحة , ولا أعنى بهذه الكلمات تعديد مناقب الجماعة لمن لايعرفونها وإن كان هذا واجب علينا .
إنما أردت بهذه الكلمات لفت أنظار أبناء هذه الدعوة المباركة إلى أهمية التوازن فى دعوة الإخوان وأن ترك الأخذ بالتوازن يحدث خللا على المدى البعيد يؤثر فى مسيرة الدعوة :


التوازن بين متطلبات الدنيا والآخرة:
وهو يعنى التوازن بين متطلبات الجسد والروح وهو يعنى أيضا السعى لعمارة الدنيا, بمعنى أن البرنامج الدعوى والسياسى لابد أن يضع فى أولوياته إصلاح البلاد والعباد ولابد أن يستشعر المجتمع ذلك , ونحن نسعى لحل قضاياه والسعى لقضاء حوائجهم من منطلق تعبدى وليس سعيا لكسب قلوبهم أو أصواتهم إن كانت هناك أصوات من الأساس لم تؤمم !!!!!!!! " لأن أسعى فى حاجة أخى خير لى من أعتكف فى مسجدى هذا سبعين سنة " الحديث وهذا ماسعت إليه الجماعة منذ ثلاثينيات القرن الماضى فكان الإخوان من أول من أنشأ الشركات المساهمة وكانت هناك العديد من الشركات التى أثرت إيجابيا على أفراد الإخوان وأفراد المجتمع وكان الإخوان من أول من أنشأ الخدمة الليلية للصيدليات بل ومن اول من أسس رياض الأطفال والمستوصفات الطبية الخيرية وغيره كثير ( راجع الإخوان المسلمون والمجتمع المصرى .. رسالة ماجستير ) مما يعنى أن منهج الإصلاح الإجتماعى والمجتمعى عميق وأصيل فى هذه الجماعة وأن استيعاب الجماعة لهذا البعد كان واضحا تمام الوضوح لدى الأفراد وهو ما يجب أن نعيده إلى حيز الوجود إن كنا نريد الخير لدعوتنا , وكذلك لانريد أن يكون أبناء الإخوان منقطعين عن الدنيا للآخرة بل ..( وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تنس نصيبك من الدنيا ) لانريد أفرادا أيديهم فارغة من الدنيا بل نريد افرادا قلوبهم فارغة من الدنيا وأيديهم مملوءة بالخير لأن الداعية إذا شغلته الهموم وأكلته الديون لن يستطع ان يعطى لدعوته شىء وإن أعطاها بوقته لكنه سيكون شارد الذهن مشغول الفؤاد ومن هنا ندرك أن النظر بعين الإعتبارللجوانب الإقتصادية للأفراد وإصلاح أحوالهم المعيشية هو من الأولويات ومن التبعات والمسئوليات التى لا يمكن إصلاح الدعوة دون إصلاحها ولنا فى رسول الله قدوة حسنة حين يسأل الرجل القابع فى المسجد " من أين تأكل" فيقول : من عمل أخى فقال له :" أخوك أعبد منك " وأيضا فى توجيهه للرجل الذى جاء يسأل الناس حاجة كيف وجهه إلى صنعة وحرفة يتقنها ويتكسب من ورائها , وقوله فى أموال الزكاة ( لانعطيها لذو مرة سوى ) أى لذى قوة سليم البدن فالقادر السليم يعمل ولايسأل الناس وطلب العلم لايتنافى مع العبادة والدعوة والتوازن بينهم مطلوب , فلابد أن يكون مدار الأمر على التوازن بين التكاليف الدعوية والمهام الحياتية لكسب العيش وكذلك الأمور التعبدية والإيمانية وعمارة الدنيا وهكذا كان أإمة الهدى فى صدر هذه الأمة يملك أبوبكر الصديق أربعون ألف عند إسلامه ويهاجر بخمسة آلاف ينفق كل ذلك فى سبيل الله ويموت وليس معه شىء ويهاجر الزبير بن العوام إلى المدينة وليس معه شىء من حطام الدنيا ويموت وقد ترك خمسون مليونا ومائتى ألف درهم وكذلك عبد الرحمن بن عوف الذى ترك مالا من الذهب كان العمال يقطعونه بالفأس ومافاتتهم غزوة وما بخلوا على دعوتهم وما تركوا طلب العلم يوما بل كانوا ممن بشر بالجنة وهم أحياء.

أولئك آبائى فجئنى بمثلهم *** إذا جمعتنا ياجرير المجامع

التوازن بين السياسى والدعوى والتربوى:
لدعوة الإخوان مهام وظيفية ثلاث الوظيفة التربوية و الوظيفة الدعوية والوظيفة السياسية ولكل وظيفة مهامها ومساراتها ورجالها ولها أيضا تقنياتها وفنياتها ولها وسائلها
إن العمل وفق جميع المحاور لدى جماعة الإخوان يتم دائما من منطلق دعوى ولكن يجب أن يكون التوازن فى العرض والأداءولايجب أن يطغى الحس الدعوى والشرعى على كل اطروحاتنا وخطابنا وليست كل القضايا ينظر إليها من منظور الحلال والحرام وكذلك يجب عدم الفصل المنهجى بين السياسة والدعوة فالسياسة عند الإخوان جزء من الإسلام لا يصح إسلام المرء إلا به ( أنا أعلن أيها الإخوان من فوق هذا المنبر بكل صراحة ووضوح وقوة ، أن الإسلام شئ غير هذا المعنى الذي أراد خصومة والأعداء من أبنائه أن يحصرونه فيه ويقيدونه به ، وأن الإسلام عقيدة وعبادة ، ووطن وجنسية ، وسماحة وقوه ، وخلق ومادة ، وثقافة وقانون , وأن المسلم مطالب بحكم إسلامه أن يعني بكل شؤون أمته ، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم .
واعتقد أن أسلافنا رضوان الله عليه ما فهموا للإسلام معنى غير هذا ، فبه كانوا يحكمون ، وله كانوا يجاهدون ، وعلى قواعده كانوا يتعلمون ، وفى حدوده كانوا يسيرون في كل شأن من شؤون الحياة الدنيا العملية قبل شؤون الآخرة الروحية ، ورحم الله الخليفة الأول إذ يقول : (لو ضاع مني عقال بعير لوجدته في كتاب الله).
بعد هذا التحديد العام لمعنى الإسلام الشامل ولمعنى السياسة المجردة عن الحزبية ، أستطيع أن أجهر في صراحة بأن المسلم لن يتم إسلامه إلا إذا كان سياسيا ، بعيد النظر في شؤون أمته ، مهتما بها غيور عليها . وأستطيع كذلك أن أقول أن هذا التحديد و التجريد أمر لا يقره الإسلام ، وأن على كل جمعية إسلامية أن تضع في رأس برنامجها الاهتمام بشؤون أمتها السياسية وإلا كانت تحتاج هي نفسها إلى أن تفهم معنى الإسلام.) الإمام الشهيد حسن البنا من رسالة المؤتمر الخامس "مؤتمر الطلبة") .
( و يقول قوم آخرون إن الإخوان المسلمين قوم سياسيون و دعوتهم سياسية و لهم من وراء ذلك مآرب أخرى . و لا ندري إلى متى تتقارض أمتنا التهم و تتبادل الظنون و تتنابز بالألقاب، و تترك يقينا يؤيده الواقع في سبيل ظن توحيه الشكوك.
يا قومنا: إننا نناديكم و القرآن في يميننا و السنة في شمالنا، و عمل السلف الصالحين من أبناء هذه الأمة قدوتنا، و ندعوكم إلى الإسلام و تعاليم الإسلام و أحكام الإسلام ، فإن كان هذا من السياسة عندكم فهذه سياستنا، و إن كان من يدعوكم إلى هذه المبادئ سياسيا فنحن أعرق الناس و الحمد لله في السياسة، و إن شئتم أن تسموا ذلك سياسة فقولوا ما شئتم فلن تضرنا الأسماء متى وضحت المسميات و انكشفت الغايات.
يا قومنا: لا تحجبكم الألفاظ عن الحقائق و الأسماء عن الغايات، و لا الأعراض عن الجوهر، و إن للإسلام لسياسة في طيها سعادة الدنيا و صلاح الآخرة، و تلك هي سياستنا لا نبغي بها بديلا فسوسوا بها أنفسكم، و احملوا عليها غيركم تظفروا بالعزة الأخروية، و لتعلمن نبأه بعد حين....)" الإمام البنا .... رسالة إلى أى شىء ندعوا الناس
لذلك يجب أن يكون هناك توازن وحكمة تضع كل شىء فى نصابه فلا يصح أن تقدم أعمال البر وقضاء حوائج الناس تحت لافتة سياسية ولا تستغل لعمل سياسى وإلا أفقدت العمل قيمته , وقصة النبى "ص" وهو يحمل المتاع للمرأة العجوز وهى تحذره من تصديق الرجل الذى يزعم أنه نبى خير دليل على عدم استغلال العمل الخيرى لتحقيق مكاسب سياسية أو دعوية بل يجب أن يبذل الخير لذاته وابتغاء الأجر وأن يعرف الناس الدعاة على أنهم رموز خير وأهل بر لا أصحاب مصالح من وراء عملهم فى المقابل يجب ألا ننسى أننا هيئة إسلامية جامعة تعمل وتتحرك وتصلح وتغير من منظور إسلامى كذلك لا يصح أن تكون نظرتنا ضيقة ونحصر همنا ودعوتنا فى تغيير وتحويل كل شىء إلى الإسم الإسلامى فقط وكل ما يتصل بنا وبأعمالنا يحمل الإسم الإسلامى (الفن إسلامى والغناء الإسلامى والإعلام الإسلامى والطب الإسلامى وووووو.............!!!!!!!!) دون النظر إلى المضمون ونظن أننا قدمنا للإسلام خدمة جليلة , وهذا فى نظرى عزل للفكرة الإسلامية عن الحياة والناس بل هناك العديد من القضايا المدنية فى حياة الناس لاتتطلب فى قضائها شعارا , كما أنه لايصح أيضا أن تقف على منصة البرلمان لتناقش القضايا من وجهةالنظر الحلال والحرام فقط حتى يقال هؤلاء دراويش لايعرفون إلا الحلال والحرام فقط ولا يهتمون بشىء من مصالح الناس وقضاياهم بقدر اهتمامهم بالقضايا الدينية حتى لو كانت شخصية " الفنانة اللى تحجبت والكاتب الذى أساء فى كتابته ووووو’’ وننسى جانبا مهما وهو أن الشخص مهما كان قدره وشهرته عند الناس فالدين أكبر منه والشخص لايمثل إلا نفسه سواء أحسن أو أساءونحن لاندافع عن أشخاص , كما أن القضايا العامة أهم واولى من القضايا الشخصية وعلى سبيل المثال حين نشرت وزارة الثقافة كتبا تسىء إلى الدين مرات ومرات فكان الرد والتعاطى مع القضية فى المرة الأولى عن الإساءة والحكم الشرعى والرأى القانونى فيها وأغفلوا الجانب الأهم وهو تبديد المال العام على أعمال لاتليق واستخدام السلطات التنفيذية لتحقيق مآرب شخصية وليترك جانب الرد على الإساءة للرأى بالرأى والرد الشرعى من الجهات الشرعية ولتقرع الحجة بالحجة " فأما الزبد فيذهب جفاءًا وأما ماينفع الناس فيمكث فى الأرض"وعلى الجانب الاخرفإن العمل السياسى قائم على الخصومة وتنشأ الخصومة من أن الخصوم جميعا يعملون ويمارسون السياسة على أرض واحدة وكل يريد أن يستحوذ على أكبرمساحة على أرض الواقع وما يكسبه هو إنتقاص من خصمه ووجوده وبالتالى تأثيره وشرعيته ولأن العمل السياسى والحزبى يعنى تداول السلطة فإن الممارسة السياسة تعنى المناورة على القمة وليس على دور الوصيف أو عمل خيرى مع الفقراء ومن هنا كانت الحسابات تختلف والثمن مختلف ويصبح كل شىء له قيمة وثمن لايدركه عوام الناس , وتلعب المعلومات دورا مهما فى هذا الصراع , ولذلك طرح المعلومة أو الإحتفاظ بها أو سبق الحصول على المعلومة قبل أوانها وقبل غيره يمكن طرف دون الآخرين من اتخاذ مواقع مؤثرة على الأرض والواقع لذا فإن الأمر يحتاج إلى التوازن الشديد مصحوبا ببعد نظر والحنكة فىالتصريح بالمعلومة أو الإمساك بها
.

التوازن بين العمل الإدارى وعمل اللجان:
لقد أثر كثيرا الخلط بين العمل الإدارى وعمل اللجان فى العمل والحركة رغم أن الأصل عدم التعارض فى الإختصاصات والمهام , وعلى سبيل المثال ظن البعض أن التربية هى الجهة المسيطرة والمنغلقة على نفسها وهمها ووظيفتها (التفلية ) والتفتيش عن العيوب فى الضمائر والقلوب , وأن رجال التربية هم المتشددون وهم الذين يعطون صكوك الولاء او الإقالة والإبعاد وهذا والله وهم كبير لأن مهام التربية أرقى وأعظم من أن تقوم بدور الشرطى داخل الجماعة وإذا كان هناك من يقوم بمثل هذه الأعمال ظنا منه أنه يخدم الدعوة والجماعة أقول له إتق الله وراجع مهامك ولا تفتئت على دعوتك التى استأمنتك عليها حين أوكلت اليك هذه المهام وإن كان البعض يقول ذلك دون دليل أو بينة أقول له اتق الله وتبًين قبل أن تتكلم ومن رأى وتبين له ذلك علية ألا يسكت لأن الساكت عن الحق شيطان ,ولكن عليه أن يتبع آداب النصح ويسلك طرقه اللائحية والتى لاتمنع أى شخص من الوصول لو أراد إلى مكتب الإرشاد ولكن لكى تكون شكواك محل نقاش يجب أن يشكو معلوم إلى معلوم وليس مجهول إلى معلوم ( وفى هذا تفصيل فى حينه) وليدرك الجميع أن الحفاظ على صورة الجماعة مسئولية أبنائها وسلوكياتهم وتصرفاتهم. وعلينا أن ندرك أولا أننا جماعة إصلاحية تغييرية ومنهج التغيير فيها تربوى يعنى تغيير نفوس وتربية ضمير وتشكيل وجدان وليس تغيير مناصب أو شكليات واسماء دون مسميات ومن هنا كان لابد أن يعى الجميع أن كل ما تقوم به الجماعة يصب فى النهاية تربية وإحسان للمجتمع وللإخوان سواء بسواء وتتكاتف فى ذلك كل أقسام الجماعة ومن هنا كان مفهوم التربية عند الإخوان أوسع من القسم المختص والكل فى الجماعة تربويون وإداريون يمارسون عملية التربية كل حسب الدور المنوط به.


التوازن الفئوى:وأعنى به أن تمتد الدعوة لتشمل جميع فئات المجتمع فهى ليست دعوة مثقفين فقط وإن كانت الثقافة أحد دعائمها ولكن يجب أن تشمل الدعوة كل فئات المجتمع من العمال اللذين هم وقود كل ثورة عبر التاريخ إلى الفئات والشرائح المختلفة كالمعلمين ( كان المعلمون هم القوام الأساسىلحركة التغيير والتحرير للنرويج من الإحتلال النازى عام 1942 م وأمام صمود حركة المدرسين أعلن الحاكم النازى هزيمته قائلا "دمر المدرسون ما كنت أحاول فعله " , وفى عام 2000 م حينما أراد الحاكم الصربى ميلوسيفيتش تزوير الإنتخابات أعلنت المقاومة الصربية "أوتبور" والمعارضة الإضراب العام وكان نجاحه بتجاوب عمال المناجم فى جميع أنحاء البلاد وهكذا نرى أن الحركات التغييرية لابد أن تضم إليها كل فئات الشعب ولا تستثنى فئة .
التوازن العمرى:وهو أن تتمثل الدعوة فى كل الأعمار السنية وبنسب متوازنة ولكل مرحلة عمرية دلالاتها فكلما كان هناك أعداد من الشباب فى العشرينات من العمر ودون العشرين وبعدد وافر فهذا يعنى للمحللين والمعنيين بالأمر خصوبة هذه الدعوة وامتداد مستقبلها بقوة وازدهار لعدة عقود كما يعنى وفرة النشاط وكثرة الأداء والقدرة على المناورة والحشد وأداء الأعمال العامة بقوة وكفاءة (الذين قادوا حركة المقاومة فى صربيا عام 2000م كانوا 20 شابا فى البداية ولم تتجاوز أعمارهم بعد العشرين من العمر ) , كذلك وجود نسبة من الأفراد بين 30-40 سنة هذا يعنى خصوبة الدعوة بالقيادات الوسيطة مع القدرة على العطاء والمثابرة وهى تمثل العمود الفقرى لأى حركة وهى تعنى حلقة الوصل بين أول الصف ومنتهاه وقلة العدد فى هذه المرحلة العمرية تعنى مشكلة كبيرة وأن هناك خللا تتراكم آثاره منذ سنوات وعلاجه يحتاج إلى زمن مثله تدفع الدعوة والحركة ثمنه غير قليل , ووجود أعداد فوق الأربعين يعنى رصيد الخبرة والحنكة والقيادة الحكيمة وافتقار الدعوة والجماعة لعنصر الخبرة والحنكة يفقدها الكثير من قوة التأثير ويفوت عليها كثير من الفرص , والتوازن هنا يعنى التدرج الهرمى العددى التنازلى أعلاه عددا فى العشرينات وأقله فوق الأربعين واختلال هذا التوازن والتدرج يعنى وجود مشكلة ما فى الإستيعاب أوروافد الإمداد حدثت فى فترة ما غفل فيها المسئولون عن الإحصاء العددى أو كما حدث فى أحد المناطق التى لايوجد بها سكن للمقبلين على الزواج فانطلق الشباب عند الزواج يبخثون عن السكن فى مناطق أخرى أوفر وأرخص سكنا وكانت النتيجة خلال عدة سنوات وجود مشكلة فى المنطقة لهجرة الشباب وبعدها أزمة أخرى فى ندرة القيادات الوسيطة وبالتالى تأثر العمل بقوة ومعها تبدأ رحلة البحث عن الحلول ولكن بعد فوات الأوان لذا وجب النظر إلى الأمر بعين التوازن .
التوازن الجغرافى: وهنا لابد من رسم خريطة لتوزيع الأفراد جغرافيا سكناً وعملاً حتى نتمكن من قراءة الواقع قراءة صائبة وعندها ستجد حقائق كثيرة بين يديك كنت غافلا عنها وأن أبناء الدعوة يتركزون فى دائرة محددة حول المسجد الرئيسى أو حول سكن الداعية المؤثر وتقل الكثافة بالإبتعاد عن مركز الدائرة مع وجود أماكن خالية تماما من الدعاة والأفراد يجب توجيه الجهد إليها , كما يتضح أن الإصرار على وسيلة واحدة كالمسجد مثلا لتبليغ الدعوة أمر غير مقبول فى حين أن هناك مجمعات للعمل مثلا يغشاها فى اليوم الواحد عشرات الآف وهى بيئة خصبة للعمل الدعوى وغيرها من الوسائل والبدائل كثير إذا أحسن التوجيه إليها من قبل القيادة.
التوازن بين الجنسين: حيث أن النساء هن نصف المجتمع ولهن أبلغ الأثر فى النصف الاخر لذا فإنه لاتستقيم دعوة تهمل أكثر من نصف قوتها والنساء شقائق الرجال وهن مصدر القوة أو نقطة الضعف لأى مجتمع فمن أخذ بها كانت قوة له ومن أهملها كانت نقطة الضعف عنده , وحين قامت الثورة الهندية على يد غاندى( من 1930 الى 1948 م ) قدمت الثورة الهندية 100 ألف معتقل منهم 17 الف امرأة تم وضعهم فى معسكرات الإعتقال مع غاندى.

كتبه: د/أنور حامد فى 4 أكتوبر 2008